نام کتاب : مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين نویسنده : سليمان الأشقر، عمر جلد : 1 صفحه : 51
ولم يصب الِإمام محمد عبده [1] -رحمه الله تعالى- عندما ذهب إلى أنَّ الذي يميز العبادة من غيرها من ألوان الخضوع والتذلل والانقياد ليس هو درجة الخضوع والطاعة، كما يقول اللغويون الذين يرون العبادة هي الطاعة والخضوع، وإنما الذي يميزها -في نظره- هو منشأ هذا الخضوع والانقياد، فإن كان منشؤه وسببه أمرا ظاهرا كالملك والقوة ونحوهما، فلا يسمى عبادة، وإن كان منشؤه الاعتقاد بأنَّ للمعبود عظمة وقدرة فوق الِإدراك والحس فهذا هو العبادة [2].
ومما يدلنا على خطئه فيما ذهب إليه، أنَّ القرآن عدَّ الذين يطيعون الحكام الظالمين، ويأتمرون بأمرهم، وينتهون عما نهوهم عنه ويتبعون نهجهم- عدَّهم عابدين لهم وهذا بين من مفهوم قوله تعالى: {أن يعبدوها} في قوله تعالى: {والذِينَ اجْتَنبوا الطَّاغوتَ أنْ يَعْبُدوها وَأَنَابُوا إلَى الله لهُمُ الْبُشرَى} [3].
والطاغوت قد يكون شيطانا أو وثنا أو صنما أو كائنا ما كان إذا عند من دون الله [4].
وقال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إلَيْكمْ يَا بنَِي آدَمَ ألاَّ تعْبُدوا الشَيْطَانَ، إنَه لَكمْ عَدُو مبين} [5]. وما عبادة الشيطان إن لم تكن إطاعة أمره، واتباع حكمه، والسير في الطرق التي اختطها! [1] هو محمد عبده بن حسن خير الله مفتي الديار المصرية، ومن رجال الإصلاح والتجديد في العصر الأخير، كان عالما بالتفسير والفلسفة والتصوف. له رسالة (التوحيد)،و (شرح نهج البلاغة)، و (الرد على الدهريين)، توفي في القاهرة سنة (1323 هـ).
(الأعلام 7/ 131). [2] راجع تفسير المنار عند تفسير قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}. من سورة الفاتحة. [3] سورة الزمر / 17. [4] راجع الطبري في تفسيره (3/ 13). [5] سورة يس / 60.
نام کتاب : مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين نویسنده : سليمان الأشقر، عمر جلد : 1 صفحه : 51