responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معالم الطريق إلى الله نویسنده : البدراني، أبو فيصل    جلد : 1  صفحه : 55
هو مفعول مخلوق له، وليس في مخلوقه ما هو ظلم منه وإن كان بالنسبة إلى فاعله الذي هو المخلوق هو ظلم، كما أن أفعال الإنسان هي بالنسبة إليه تكون سرقة وزنا وصلاة وصوماً، والله تعالى خالقها بمشيئته، وليست بالنسبة إليه كذلك؛ إذ هذه الأحكام هي للفاعل الذي قام به هذا الفعل، كما أن الصفات هي صفات للموصوف الذي قامت به لا للخالق الذي خلقها وجعلها صفات، والله - تعالى - خلق كل صانع وصنعته كما جاء ذلك في الحديث، وهو خالق كل موصوف وصفته.
ثم صفات المخلوقات ليست صفات له؛ كالألوان والطعوم والروائح لعدم قيام ذلك به , وكذلك حركات المخلوقات ليست حركات له ولا أفعالاً له بهذا الاعتبار؛ لكونها مفعولات هو خلقها , وبهذا الفرق تزول شبه كثيرة.
ولهذا ألزم السلف بعض أهل البدع في القدر أن يكون ما أحدثه من الكلام في الجمادات كلامه، وكذلك أيضاً ما خلقه في الحيوانات، ولا يفرق حينئذ بين نطق وأنطق وإنما قالت الجلود: {أَنطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}، ولم تقل: نطق الله بذلك؛ بل يلزم أن يكون متكلماً بكل كلام خلقه في غيره , زوراً كان أو كذباً أو كفراً أو هذياناً تعالى الله عن ذلك؛ ولهذا قال من قال من السلف كسليمان بن داود الهاشمي وغيره ما معناه: إنه على هذا يكون الكلام الذي خلق في فرعون حتى قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}، كالكلام الذي خلق في الشجرة حتى قالت: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا}، فإما أن يكون فرعون محقًا، أو تكون الشجرة كفرعون وهذا يستوعب أنواع الكفر؛ ولهذا كان من الأمر البين للخاصة والعامة أن مَنْ قال: المتكلم لا يقوم به كلام أصلا - فإن حقيقة قوله أنه ليس بمتكلم؛ إذ ليس المتكلم إلا هذا؛ ولهذا كان أولوهم يقولون: ليس بمتكلم. ثم قالوا: هو متكلم بطريق المجاز، وذلك لما استقر في الفطر أن المتكلم لابد أن يقوم به كلام وإن كان مع ذلك فاعلا له، كما يقوم بالإنسان كلامه وهو كاسب له. أما أن يجعل مجرد أحداث الكلام في غيره كلاما له - فهذا هو الباطل.
وهكذا القول في الظلم، فَهَبْ أن الظالم من فعل الظلم فليس هو من فعله في غيره، ولم يقم به فعل أصلا، بل لابد أن يكون قد قام به فعل، وإن كان متعدياً إلى غيره، فهذا جواب. ثم يقال لهم: الظلم فيه نسبة وإضافة، فهو ظلم من الظالم، بمعنى أنه عدوان وبغي منه، وهو ظلم للمظلوم، بمعنى أنه بغي واعتداء عليه. وأما من لم يكن معتدي عليه به ولا هو منه عدوان على غيره فهو في حقه ليس بظلم، لا منه ولا له.

نام کتاب : معالم الطريق إلى الله نویسنده : البدراني، أبو فيصل    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست