responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فكر ومباحث نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 49
الوراثة:
وللوراثة عملٌ في تكوين الأديب، ولكنه دون عمل الزمان والبيئة والثقافة، ولسنا نعني بالوراثة ما يرثه المرء عن أبيه من ميول وأخلاق فقط، بل نعني بها وراثة الدم، نعني هذه الصفات وهذه المزايا التي يمتاز بها شعب من الشعوب، والتي تظهر في أفراد هذا الشعب جميعاً، ولم لا؟ ألا تفهم إذا قيل لك (فلان إنكليزي) أنه بارد الدم لا يثيره شيء؟ ألا تفهم إذا قلت لك إني عربي أني رجل مروءة وشرف وأني لا أصبر على الضيم؟ ألا تشعر أن بعضاً من الصفات قد تقترن في نفسك ببعض الشعوب؟ هذه هي الوراثة التي أعنيها، وقد بسطت آراء الفلاسفة فيها في غير هذه المقالة [1]، فما أحب أن أعيدها هنا، وما كتبت هذه المقالة إلَّا موجزاً ما استطعت الإيجاز، ولكني أحب أن أظهرك على أنهم على خلاف في أمر هذه الوراثة، وأن من يقول بها لا يستطيع أن يثبتها أو يضع لها قانوناً كقانون ماندال في النوع الآخر من الوراثة وأن بعض المستشرقين المعروفين ممن يقول بها قد توصَّل إلى وصف الخيال السامي بأنه واسع وقليل العمق، والخيال الآري بأنه ضيق وعميق، أي أن السامي يصف لك أشياء كثيرة وصفاً سطحياً، والآري يصف شيئاً واحداً وصفاً عميقاً دقيقاً.
وإذا نحن فرضنا هذا صحيحاً أو قريباً من الصحيح نستطيع أن نجد له أدلة من أدبنا في هؤلاء الشعراء الكثيرين الذين امتازوا بالوصف الدقيق وكانوا جميعاً من غير العرب كبشَّار وابن الرومي وابن حمديس، ونحن إذا فرضناه صحيحاً نستطيع أن نتكئ عليه في بحثنا.
التكوين الجسمي:
ألا يؤثِّر التكوين الجسمي في التكوين الأدبي؟ أليست الحواسُّ منافذ النفس التي تطلّ منها على العالم الخارجي؟ أليس كل ما في النفس مستمداً من العالم؟ إذن فلِقوَّة الحواسِّ وضعفها، ولمتانة الجملة العصبية وتهافتها، عمل كبير

[1] في كتابي عن بشار، المطبوع سنة 1930 وهو من آثار الشباب وقد نفدت نسخه من سنين طوال ولست أنوي إعادة طبعه الآن ...
نام کتاب : فكر ومباحث نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست