نام کتاب : ففروا إلى الله نویسنده : القلموني، أبو ذر جلد : 1 صفحه : 185
اتباع الهوى، ويأمر بالعفة، ومجانبة شهوات النفس، وأسباب الغيِّ، وينهى عن اتباع خطوات الشيطان، والغناء يأمر بضد ذلك كله، ويحسنه، ويهيج النفوس إلى شهوات الغي، فيثير كامنها، ويزعج قاطنها، ويحركها إلى كل قبيح، فبينا ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل، وبهجة الإيمان، ووقار الإسلام، وحلاوة القرآن، فإذا سمع الغناء ومال إليه نقص عقله، وقل حياؤه، وذهبت مروءته، وفارقه بهاؤه، وتخلى عنه وقاره، وفرح به شيطانه، وشكا إلى اللَّه تعالى إيمانه، وثقل عليه قرآنه، وقال: يا رب لا تجمع بيني وبين قرآن عدوك في صدر واحد، فاستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه، وأبدى من سره ما كان يكتمه، وانتقل من الوقار والسكينة إلى كثرة الكلام والكذب، والزهزهة [1]، والفرقعة بالأصابع.
فيميل برأسه، ويهز منكبيه، ويضرب الأرض برجليه، ويدق على أم رأسه بيديه، ويثب وثبات الذباب، ويخور خوران الوجد ولا كخوار الثيران، وتارة يتأوه تأوه الحزين، وتارة يزعق زعقات المجانين.
وقال بعض العارفين: السماع يورث النفاق في قوم، والعناد في قوم، والكذب في قوم، والفجور في قوم، والرعونة في قوم، وأكثر ما يورث عشق الصور، واستحسان الفواحش، وإدمانه يثقل القرآن على القلب، ويكرّه إلى سماعه بالخاصية وإن لم يكن هذا نفاقًا فما للنفاق حقيقة.
وسر المسألة: أنه قرآن الشيطان - كما سيأتي - فلا يجتمع هو وقرآن الرحمن في قلب أبدًا.
وأيضًا فإن أساس النفاق: أن يخالف الظاهر الباطن، وصاحب الغناء بين أمرين، إما أن يتهتك - أي لم يبال أن يهتك سره حين يرتكب خطأ. فيكون فاجرًا، أو يظهر النسك فيكون منافقًا، فإنه يظهر الرغبة في اللَّه والدار الآخرة وقلبه يغلي بالشهوات، ومحبة ما يكرهه اللَّه ورسوله من أصوات المعازف وآلات اللهو، وما يدعو إليه الغناء ويهيجه، فقلبه بذلك معمور، وهو من محبة اللَّه ورسوله وكراهة ما يكرهه قفر - أي: خال - وهذا محض النفاق.
وأيضًا فإن الإيمان قول وعمل، قول بالحق، وعمل بالطاعة، وهذا ينبت على الذكر، وتلاوة القرآن، والنفاق قول الباطل، وعمل البغي، وهذا ينبت على الغناء. [1] الخيلاء.
نام کتاب : ففروا إلى الله نویسنده : القلموني، أبو ذر جلد : 1 صفحه : 185