نام کتاب : ففروا إلى الله نویسنده : القلموني، أبو ذر جلد : 1 صفحه : 236
ذلك كله منها [1]، فأين خروج المرأة اليوم من خروج أختها في الجاهلية الأولى؟!
قال ابن كثير: فقوله تعالى: {لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} حظر على المؤمنين أن يدخلوا منازل رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغير إذن كما كانوا قبل يصنعون في بيوتهم في الجاهلية وابتداء الإسلام، حتى غار اللَّه تعالى لهذه الأمة فأمرهم بذلك، وذلك إكرام من اللَّه لهذه الأمة، ولهذا قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إياكم والدخول على النساء» [2] الحديث.
يشير ابن كثير بكلامه هذا إلى ما صرح به علماء الأصول: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب أي: لئن كانت الآيات نزلت في نسائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحجابهن، فإنها تعم بأحكامها سائر نساء المسلمين.
ومما يؤكد هذا الحكم:
أ- قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} فدخول الضيف في البيت بدون إذن،، وكذا مع الإذن قبل نضج الطعام والجلوس بعد الطعام استرسالاً في الحديث، وإن الإيذاء كما لا يحل في جنب رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يحل في حق أحد المسلمين.
ب- يؤكد قوله تعالى في الحجاب: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} فطهارة القلوب عن الخواطر الشيطانية مطلوبة في حق أزواجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسائر المسلمين، بل الطهارة من هذه الخواطر المفضية إلى المعاصي المطلوبة في حق كل مؤمن ومؤمنة، بل أمره في غير أمهات المؤمنين آكد وأشد لمظنة الريبة في سائر نساء المسلمين لما أن نساء رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبعد الناس عن ظن السوء، ولأنهن لقبن بأمهات المؤمنين، ولأنهن نساء رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الآية الثانية: قوله تعالى لنساء رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [3] يقصد به تعميم الحكم على نساء المسلمين عامة، فإن قرار النساء في البيوت وعدم خروجهن لغير حاجة أمر مقرر في الإسلام، وكذا النهي عن التبرج بالتكسر في المشي وإظهار بعض الرأس والصدر أمر مقرر في النساء عامة.
قال الأستاذ المودودي - رحمه اللَّه تعالى - عند قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}: قد ذهب بعض الناس - يريد بعض المعاصرين - إلى أن هذا الأمر خاص لأزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [1] «تفسير ابن كثير» (ج3 ص: 482). [2] متفق عليه - انظر «صحيح الجامع». (قل). [3] قال الزمخشري: كانت - أي نساء أهل الجاهلية الأولى - جيوبهن واسعة تبدو منها نحورهن وصدورهن وما حواليها، ولكن يسدلن الخمر من ورائهن فتبقى - أي: أعناقهن وصدورهن - مكشوفة، فأمرن أن يُسدلنها من قدامهن حتى يغطينها (2 - 90).
نام کتاب : ففروا إلى الله نویسنده : القلموني، أبو ذر جلد : 1 صفحه : 236