نام کتاب : ففروا إلى الله نویسنده : القلموني، أبو ذر جلد : 1 صفحه : 57
وإذًا، فالمرأة في حياة الإنسان أخطر ابتلاء دنيوي على الإطلاق.
وسر ذلك، أن جميع الآثام التي حظرها اللَّه تعالى على عباده ليس بينها وبين الإنسان أي انسجام فطري. فالظلم بأنواعه المختلفة محرم ويعين الإنسان على تجنبه أن الفطرة الإنسانية تشمئز منه. وشرب الخمر محرم، ويهون من أمر تحريمه أن الفطرة الإنسانية الأصيلة تعفها، وكذلك السرقة، والغش، والغيبة، والنميمة، وبقية المحرمات الأخرى، كلها لا تتفق مع مقتضيات الفطرة الإنسانية السليمة، ولا يجنح إلى شيء منها إلا من ابتلي بشذوذ أو انحراف في طبيعته وفطرته لسبب من الأسباب التي قد تطرأ في حياة الإنسان. وإنما يستثنى من هذا العموم شيء واحد فقط، هو الغريزة الجنسية في كل من الرجل والمرأة، فهي على الرغم من كونها تدفع إلى ارتكاب محظور يعد في ذروة المحاظير الشرعية - ما لم ينضبط بحدود وقيود معينة - تعتبر من أخص مستلزمات الفطرة الإنسانية وأهم متطلباتها، ولا سبيل لأي إنسان ما دام إنسانًا طبيعيًّا لا شذوذ فيه إلى أن ينفك عنها أو يسمو فوقها.
ومن خلال هذه المقارنة تستطيعين أن تدركي بأن الشهوة الجنسية في الإنسان أخطر ابتلاء ديني في حياته.
إذ في الوقت الذي تقف الفطرة الإنسانية فيه عونًا على تطبيق حكم اللَّه بالنسبة للمعاصي والمنكرات، فإنها تقف بالنسبة للشهوة الجنسية مثيرة لها أو عاجزة - في أحسن الأحوال - عن أن تكبح [1] لجامها أو تقلل شيئًا من هياجها.
وبناء على ذلك فإن العلاج الإسلامي بالنسبة لسائر المعاصي يكمن في مزيد من الابتعاد عنها والاستعلاء فوقها. أما بالنسبة لأمر الجنس خاصة، فقد كان العلاج هو الارتواء منه، وإمتاع الغريزة به، ولكن ضمن حدود مرسومة معينة لا يتجاوزها.
فهذا معنى قولنا إن المرأة أخطر مادة امتحانية في حياة الرجل على الإطلاق.
وربما تقولين: ولِمَ لا يعتبر الرجل أيضًا أخطر مادة امتحانية في حياة المرأة، ما دام الشعور الجنسي شائعًا بينهما، وبذلك يتساوى عبء كل من الرجل والمرأة وتتكافأ مهامهما؟!
والجواب: إن الفاطر الحكيم جل جلاله أقام فطرة المرأة على أسس نفسية جعلت منها [1] كبح الدابة كبْحًا: جذب رأسها إليه باللجام وهو راكب كي تقف ولا تجر.
واللجام: الحديدة في فم الفرس، ثم سموها مع ما يتصل من سُيور وآلة لجامًا. كذا في «المعجم الوسيط». والمعنى واللَّه أعلم عدم قدرة الفطرة الإنسانية على السيطرة على الشهوة إلا ما رحم ربي. (قل).
نام کتاب : ففروا إلى الله نویسنده : القلموني، أبو ذر جلد : 1 صفحه : 57