نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 128
حقيقي لأنه سمّاها «بناء» وقال «بَنَيْناها»: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إلى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيّنَّاهَا؟}، {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَاً شِدَاداً}، {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا}، {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقَاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا؟}. وقال: {اللهُ الذي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها}. ووصفها بأنها سقف لهذا العالم فقال: {وَجَعَلْنَا السّمَاءَ سَقْفاً}، وقال: {والسَّقْفِ المَرْفُوع}، وجعل لها أبواباً تُفتَح وتُغلَق، فقال: {فَفَتَحْنَا أبْوابَ السّمَاء}، و {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أبْوابُ السّمَاء}، ونفى أن يكون فيها منافذ غير هذه الأبواب، فقال: {وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوج}، وأن السماء تُفتَح يوم القيامة: {وَفُتِحَتِ السّمَاء}، وأنها تَنْشَقّ: {فإذا انْشَقَّتِ السّمَاء} وتنفطر وتُكشَط. وبيّنت النصوص أن السماوات سبع: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوات}، {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوات}، {الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوات}. وأن الله قد جعلها طِباقاً، قال: {سَبْعَ سَمَاوات طِباقاً}.
فليست السماء خطوطاً وهمية هي مدارات الكواكب كما ذهب إلى ذلك جماعة من الفضلاء أخطؤوا وما أصابوا، وليست السماء حاجزاً متصوَّراً، بل هي كما وصفها ربنا بناء؛ إنها مادة محيطة بهذا الفضاء وما فيه، ولها أبواب تُفتَح وتُغلَق، وعليها حَرَس، وإذا جاء الموعد تُطوَى السماءُ {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُب}.
ثم إن الله -عزّ وجل- بعد أن وصف السماء بأنها بناء وأنها سقف مرفوع أكمل الصورة فجعل لهذا السقف مصابيح، فقال: {وَزَيَّنّا السّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابيحَ}، وصرّح بأن هذه المصابيح هي الكواكب: {بِزينَةٍ الكَوَاكِب}، فدلّ ذلك على أن الكواكب تحت السماء الدنيا لأن المصابيح لا تكون إلا تحت السقف.
نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 128