نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 140
ذلك لا يمنع من درسه وبحثه، لأن كل اقتراح أو رأي بذرة تُلقَى في الأذهان، إما أن تموت وإما أن يكون منها الدَّوحة الباسقة والشجرة العظيمة. وما من شجرة -مهما عظمت وبسقت- إلا وأصلها بذرة.
والذي نبهني لهذه الاقتراح وجعلني أبحث فيه مرة في الرسالة من عهد بعيد [1] أنه كان لي أخ دعاه داع صحي إلى ترك المدرسة، فانقطع عنها وأقبل يطالع من كتب الأدب والتاريخ ما لا يثقل عليه ولا ينال من صحته، فقرأ فيما قرأ «تاريخ الطبري» كله و «الأغاني» وكتباً أخرى من هذه البَابَة، ثم رأى أن يدخل امتحان الكفاية (وتسميتها بالكفاءة لا وجه له [2])، فاستعد لذلك شهراً واحداً، ثم دخله فكان من الناجحين، على أن الناجحين في تلك السنة كانوا دون الثلث. وعاد إلى مثل ما كان عليه حتى كان امتحان النهاية (البكالوريا) [3] فاستعد له أشهراً ونجح فيه. [1] انظر مقالة «أسلوب جديد في التعليم»، وهي منشورة في كتاب «في سبيل الإصلاح»، وانظر أيضاً الصفحة الثانية من مقالة «المطالعة» في هذا الكتاب، ص180 (مجاهد). [2] هو امتحان الشهادة الإعدادية، كان على رأس سنوات الدراسة الإعدادية الثلاث، وكان من وزن امتحان الثانوية العامة في أهميته وخطورة شأنه، فمن لم ينجح فيه استحال عليه إكمال الدراسة الثانوية، ومن نجح بمعدَّل دون المطلوب تحوّل إلى المدارس المِهَنية والصناعية وحُرم من التعليم الأكاديمي. بقي إلى أيامي أو بعدها بقليل، ثم أُلغي من سنوات طويلة حتى لأحسب أن عامة الناس لا يعرفونه اليوم إذا سمعوا به (مجاهد). [3] أي الثانوية العامة (مجاهد).
نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 140