نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 142
جريدة «اليوم» سنة 1930 أدّعي الجهل المطبق بالرياضيات -على عادة الأدباء- فردّ عليّ أستاذنا مسلّم عناية (رحمة الله على روحه) وشهد لي بأني كنت من السابقين فيها.
وما قلت هذا تمدّحاً وفخراً بل لأقرر أني -على رغم هذا كله- لم يبقَ عندي الآن مما درست من العلوم إلا ما كان طبعي منصرفاً إليه من علوم الدين واللسان والتاريخ والفلسفة، وما عدا ذلك من العلوم الرياضية والطبيعية [1] فلا أكاد أعرف منه الآن إلا أشياء عامة جداً، أما التفاصيل والدقائق وأعيان المسائل فقد نسيتها كلها، ولو سئلت عما أعرفه من المثلثات مثلاً لأجبت صادقاً بأني لا أعرف إلا شيئاً اسمه الجيب والتَّجيب (وأظن أن اسمه تمام الجيب) والمماس (ولا أذكر ما هو على التحقيق)، حتى موضوع علم المثلثات على وجه التحديد نسيته، مع أن علامتي في هذا الدرس سنة درسناه كانت تسعاً من عشر وكنت تلك السنة الأول في صفي. والشيء الذي لم أنسَه ولم أجد في الحياة وقد عرفت العمليات الجراحية، وآلام النوبات الرملية، والضياع في الصحراء، وشهدت حربين اثنتين، حرب 1914 وحرب 1939، وذقت الفقر وموت الأم والأب ... فلم أجد في ذلك كله ما هو أصعب منه، فهو الجذر التكعيبي والعياذ بالله من ذكره!
أما الكيمياء العضوية فلا أعرف منها الآن إلا أن فيها شيئاً اسمه الميثان، وتركيبه جزء من الفحم وأربعة من مولِّد الماء [2]. [1] لا الطبعية كما يقول المتحذلقون. [2] أي ذرة كربون وأربع ذرات هيدروجين، رمزه الكيماوي CH4، وهو المركَّب الأول في سلسلة البارافين الهَيْدروكربونية (مجاهد).
نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 142