نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 177
ونرى -على هذا- من العرب المسلمين من يميل عنها إلى الإنكليزية، يتظرّف بالنطق بها، يزعم أنها أوسع من العربية لأن «القاموس المحيط» ما فيه إلا ستون ألف مادة و «لسان العرب» (وهو أوسع المعاجم) فيه ثمانون ألفاً، ولأن معجم أكسفورد في الإنكليزية -كما سمعنا- ومعجم لاروس الكبير في الفرنسية -كما رأينا وعلمنا- فيه أضعاف ذلك العدد من الكلمات، وينسى هؤلاء أن مَثَل الاثنين كمثل رجلين، أحدهما عنده عشرة أولاد خرجوا كلهم من صلبه وولدتهم زوجته، والآخر عنده خمسون ولكنهم لُقَطاء، فهو كلما رأى لَقيطاً حمله إلى بيته وضمه إلى أسرته وعدّه من ولده، وما هو من لحمه ودمه ولا يجمعه نسب بأبيه ولا بأمه [1].
* * * [1] الحقيقة أنّ لوفرة المداخل في المعاجم الأجنبية وقلّتها في معاجمنا العربية سبباً آخر؛ فالمدخل الواحد في معاجمنا يضم تصريفات الجَذْر جميعاً، ولذلك تجده واسعاً اتساعاً قد يبدو غير معقول أحياناً، وانظر إلى «لسان العرب» تَرَ من ذلك الكثير؛ فمادة «قعد» مثلاً تمتد بطول ثماني صفحات، ومادة «قطع» بطول عشر، و «سلم» تشغل اثنتي عشرة صفحة، وفي كل مادة يجتمع كل ما يتصرف من هذا الأصل الثلاثي من مفردات قد تبلغ العشرات. أما في المعجم الأجنبي فتجد الفعل اللازم في مدخل مستقل، والفعل المتعدي في آخر، والمصدر في ثالث، والصفة في رابع، وهكذا. فكيف لا تكون مداخل المعجم الأجنبي أضعاف مداخل المعجم العربي بعد ذلك كله؟ على أننا لو ضممنا أصول الكلمات في المعجم الأجنبي بعضها إلى بعض لما بلغ عددها نصف عدد مداخل المعجم العربي ولا ربعه (مجاهد).
نام کتاب : فصول في الثقافة والأدب نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 177