فرُوق تمسُّ الحَاجَة إِلَى بَيَانِهَا
قد تُلَبِّسُ النفسُ الأمارة بالسوء على العبد أمورًا يحبها الله ويرضاها بأمور يبغضها الله -عز وجل-، ولدقة الحد الفاصل بينهما لا ينجو من هذا التلبيس إلا أرباب البصائر، ذوو النفوس المطمئنة، وقد عقد الإمام المحقق ابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى- فصولًا نافعة بَيَّن فيها هذه الدقائق النفيسة في كتابه "الروح"، نجتزئ منها بما نحتاجه في هذا المقام.
الفَرْق بَينَ شَرفِ النَّفْسِ وَالتيه
(شرف النفس هو صيانتها عن الدنايا والرذائل والمطامع التي تقطع أعناق الرجال، فيربأ بنفسه عن أن يُلقيها في ذلك، بخلاف التيه، فإنه خُلُق متولِّدٌ بين أمرين: إعجابه بنفسه، وازدرائه بغيره، فيتولد من بين هذين التيه، والأول (أي شرف النفس) يتولد من بين خُلُقَيْن كريمين:
- إعزاز النفس وإكرامها،
- وتعظيم مالكها وسيدها أن يكون عبده دَنِيًّا وضيعا خسيسًا، فيتولد من بين هذينَ الخلقين شرف النفس وصيانتها، وأصل هذا كله: استعداد النفس وتهيؤها، وإمداد وليها ومولاها لها، فإذا فقد الاستعداد والإمداد، فقد الخير كله) [1] اهـ.
(1) "الروح" ص (313).