الملحدة، وضمتهم إلى صفوفها ليحاربوا الله ورسوله والمؤمنين كما هو مشاهد في البلدان التي سبقت إلى اعتناق هذا الدين "اللاديني" المخرِّب.
ومن رعى غنمًا في أرض مَسْبَعة [1] ... ونام عنها؛ تولى رعيها الأسَدُ
لقد اشتد حرص السلف على مباشرة هذه المهمة الجسيمة، حتى أن المنصور بعث إلى مَن في الحبس من بني أمية، يقول لهم: "ما أشدُّ ما مَرَّ بكم في هذا المحبس؟ "، فقالوا: "ما فقدنا من تربية أولادنا".
واشتد نكيرهم على مَن يصرف همه إلى الكبار فقط، ويهمل الصغار، وما ذاك إلا لأن الأمة محتاجة إليهم، وهم الأعمدة التي تبنى لتحمل ثقل البناء فيما بعد:
قال عمرو بن العاص لحلقة قد جلسوا إلى جانب الكعبة، فلما قضى طوافه جلس إليهم وقد نحوا الفتيان عن مجلسهم، فقال: "لا تفعلوا! أوسعوا لهم، وأدنوهم، وألهموهم، فإنهم اليوم صغار قوم يوشك أن يكونوا كبار قوم آخرين، قد كنا صغار قومٍ أصبحنا كبار آخرين".
وقد علق الإمام ابن مُفلح رحمه الله على هذه العبارة قائلًا:
"وهذا صحيح لا شك فيه، والعلم في الصغر أثبت، فينبغي الاعتناء بصغار الطلبة لا سيما الأذكياء المتيقظين الحريصين على أخذ العلم، فلا ينبغي أن يجعل على ذلك صغرهم أو فقرهم وضعفهم مانعًا من مراعاتهم والاعتناء بهم" [2].
وكان الإمام الشاشي محمد بن الحسين الفقيه الشافعي رحمه الله ينشد:
تعلم يا فتى والعود رطب ... وطينك لَيْنٌ والطبع قابل [1] المَسْبَعة: الأرض الكثيرة السباع.
(2) "الآداب الشرعية، والمنح المرعية" (1/ 225).