للسبب المذكور وغيره طغى الباطل على الحق، وانتشر الفساد في جميع الطبقات، وعم وطم وغطى كل فضيلة كانت في المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هذا من جانب الحكام الذين تخلوا عما هم مطالبون به أمام الله يوم القيامة، وأمام التاريخ الذي سجل عليهم تخليهم عن أداء واجباتهم وتقصيرهم في مهماتهم، فتسرب بذلك الشيطان وأتباعه بالفساد إلى هيكل الأمة، تسرب إليها بوسواسه الذي نخر عظامها، فسقط هيكلها مهشما لا حراك له.
لم يحك التاريخ - فيما حكى - أن حكام المسلمين السابقين منعوا علماء المسلمين من أداء ما هو - فرض عليهم إلا ما صدر من بعض الحكام لأغراض ودوافع سياسية أو شخصية بعيدة عن عداوتها للدين والعقيدة - إلا ما فعله حكام المسلمين في وقتنا الحاضر، ذلك أنهم منعوا العلماء من إلقاء دروسهم الوعظية الدينية في مساجد المسلمين المشيدة بأموال المسلمين لا بأموالهم هم، فتجاوزوا سلطتهم المحدودة إلى ما ليس لهم فيه أي حق، فارتكبوا بهذا خطأ كبيرا وشنيعا لا ينجيهم منه أمام الله أي عذر أو اعتذار، فتركوا أمتهم المحكومة بقوانين غير إسلامية على أيديهم، تركوها تتخبط في ظلمات جاهلية جهلاء، مع فساد الزمان، وفساد الزمان إنما يكون بفساد أهله، مع قلة علماء الدين الذين هم أهل للقيام بهذا الفرض الكبير، هذا ما هو واقع الآن في كل بلد ووطن إسلامي - فيما أعلم - فقد منعوا علماء الإسلام من أداء ما فرضه الله عليهم ليصيروا مثلهم، فهم