وعندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة كان الإسلام في حاجة إلى تقوية الصف الإسلامي ببذل الأنفس والأموال وفى سبيل ذلك رغب في الهجرة ودعا إليها، ولما فتحت مكة سنة ثمان من الهجرة في غزوة الفتح أوصد باب الهجرة المرغب فيها، لأن مكة صارت بلدا إسلاميا - بعد غزوة الفتح - لا قوة للشرك فيها ولا سيطرة له عليها، من أجل هذا قال عليه الصلاة والسلام كلمته في حديثه المشهور، ليتوجه المسلمون بكليتهم إلى الجهاد لا إلى الهجرة فقال في حديث ابن عباس عند البخاري "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا" وبهذا يتصدى المسلمون - بأنفسهم وأموالهم - لنشر الإسلام وعقيدته والقضاء على الشرك والظلم والفساد في الأرض، وفى ذلك خير وسلامة للإنسانية كلها، وقال عليه الصلاة والسلام - مرغبا في الجهاد وحاثا أمته عليه - كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه عند البخاري، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "لغدوة في سبيل الله، أو روحة خير من الدنيا وما فيها" ذلك أن كل ما يصيب المسلم المجاهد في سبيل الله سيعوضه الله عنه أجرا كبيرا وثوابا عظيما، لأن ما أصابه كان دفاعا عن العقيدة أو نشرا لها، ونلمس هذا المعنى في قول جندب بن سفيان عند البخاري حيث قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض المشاهد - الغزوات - وقد دميت أصبعه فقال: