responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 251
وكان يوماً في رمضان وكان مجلسه قريباً من باب الدار، وكانت مائدة الإفطار قد أُعِدّت ودنا المغرب، فقرع البابَ فقيرٌ يسأل ويقسم أن أهله في البيت صيام وليس عندهم شيء يؤكَل، فتلفّت فلم يجد حوله أحداً من أهله، فتناول طبقاً وبعض الخبز فوضعها جانباً وقال له: احمل هذا كله. فحمله فذهب به، ودخل النساء فلم يجدن الطعام، فسخطن وصِحْن عليه وتكلّمْنَ كلاماً شديداً، وهو صامت. وضرب المدفع وأذّن المؤذن من جامع التوبة، فإذا الباب يُقرَع، وإذا بألوان الطعام من الحارّ والبارد والحلو والحامض تدخل عليه! وإذا القصّة أن سعيد باشا شمدين، أحد كبار الوجهاء، كان قد دعا ضيوفاً فلم يحضروا، فأمر بحمل الطعام كله إلى دار الشيخ. فقال: أرأيتن مكافأة الصدقة؟
أعود إلى حديث الشيخ أبي الخير. الذين يؤثّرون فيك ببلاغتهم وطلاقة ألسنتهم -إن سمعتَهم- كثيرون، وكثيرون هم الذين يأسرونك بروعة أسلوبهم وسحر أقلامهم إن قرأت لهم والذين يعجبونك بصحّة محاكماتهم وإصابة آرائهم إن أنت استشرتهم. كل هذا مُشاهَد في كل بلد معروف في كل زمان، ولكن أعجب من هؤلاء كلهم ناس لا يتكلمون، وإن تكلموا لم يكُن لهم من سحر البلاغة ما يُعجِز الكاتبين، وهم مع ذلك يبلغون من التأثير عليك ما لا يكون مثله لكاتب ولا لخطيب.
إنهم يؤثّرون بحالهم لا بمقالهم، ومن هؤلاء شيخنا الشيخ أبو الخير الميداني، ومنهم شيخه وشيخ الشام الشيخ بدر الدين الحسني، وممّن عرفت في مصر شيخ مشايخنا السيد الخضر حسين الذي صار شيخ الجامع الأزهر، ومنهم العالِم اللغوي

نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست