نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 252
المحقق أحمد تيمور باشا.
وعندي في هذا الباب أخبار كثيرة أروي الآن واحداً منها، حدّثني به في مصر الأستاذ أحمد حسن الزيات صاحب «الرسالة» عن شيخ سمّاه ونسيت أنا اسمه، قال: كان هذا الشيخ مدرّساً، لا يعرف من الدنيا إلا الجامع الأزهر الذي يدرّس فيه (قبل أن تدخل عليه تاء التأنيث فيصير جامعة) والبيت القريب منه الذي يسكنه والطريق بينهما. فلما طالت عليه المدة وعلَت به السنّ واعتلّت منه الصحّة احتاج إلى الراحة، فألزمه الطبيب بها وأشار عليه أن يبتعد عن جوّ العمل وعن مكانه، وأن ينشد الهدوء في البساتين والرياض وعلى شط [1] النيل.
فخرج فاستوقف عربة، ولم تكُن يومئذٍ السيارات، وقال له: خذني يا ولدي إلى مكان جميل أتفرج فيه وأستريح.
وكان صاحب العربة (العربجي) خبيثاً، فأخذه إلى طرف الأزبكية حيث كانت بيوت المومسات وقال: هنا. قال: يا ولدي، لقد قرب المغرب، فأين أصلّي؟ خذني أولاً إلى المسجد. قال: هذا هو المسجد.
وكان الباب مفتوحاً وصاحبة الدار قاعدة على الحال التي يكون عليها مثلها. فلما رآها غض بصره عنها، ورأى كرسياً فقعد عليه ينتظر الأذان وهي تنظر إليه، لا تدري ما أدخله عليها وليس من روّاد منزلها، ولا تجرؤ أن تسأله، منعَتها بقية حياء قد يوجد أمام أهل الصلاح حتى عند المومسات، وهو يسبّح وينظر في [1] الشط: الشاطئ.
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 252