نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 251
فالرَّاضي لا يتمنّى غيرَ ما هو عليه من شدَّةٍ ورخاء.
وقال عمر بن عبد العزيز: أصبحت ومالي سرورٌ إلا في مواضع القضاء والقدر.
فمن وصل إلى هذه الدرجة، كان عيشُه كلُّه في نعيمٍ وسرورٍ، قال الله تعالى:
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (النحل:97).
قال بعض السَّلف: الحياة الطيبة: هي الرضا والقناعة.
وقال عبد الواحد بن زيد: الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العابدين.
وأهل الرضا تارةً يلاحظون حكمة المبتلي وخيرته لعبده في البلاء، وأنَّه غير متَّهم في قضائه، وتارةً يُلاحظون ثوابَ الرِّضا بالقضاء، فيُنسيهم ألم المقتضي به، وتارةً يُلاحظون عظمةَ المبتلي وجلالَه وكمالَه، فيستغرقون في مشاهدة ذلك، حتى لا يشعرون بالألم، وهذا يصلُ إليه خواصُّ أهل المعرفة والمحبَّةِ، حتى ربَّما تلذَّذوا بما أصابهم لملاحظتهم صدوره عن حبيبهم.
سئل بعضُ التابعينَ عن حاله في مرضه، فقال: أحَبُّه إليهِ أحَبُّه إليَّ.
وسُئلَ السريّ: هل يجد المحبُّ ألم البلاء؟ فقالَ: لا.
وقال بعضهم:
عذابُه فيكَ عَذْبُ ... وبُعْدُهُ فيكَ قُرْبُ
وأَنْتَ عِندي كرُوحي ... بل أَنْتَ مِنها أَحَبُّ
حسْبي مِنَ الحُبِّ أنِّي ... لِمَا تُحِبُّ أُحِبُّ
والدرجة الثانية للمؤمن بالقضاء والقدر في المصائب: أنْ يصبرَ على البلاء:
وهذه لمن لم يستطع الرِّضا بالقضاء، فالرِّضا فضلٌ مندوبٌ إليه مستحب، والصبرُ واجبٌ على المؤمن حتمٌ، وفي الصَّبر خيرٌ كثيرٌ، فإنَّ الله أمرَ به، ووعدَ عليه جزيلَ الأجر. قال الله - عز وجل -: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر:10)،
نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 251