نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 477
فالله سبحانه إذا أراد توفيقَ عبد وهدايته أعانه، ووفَّقه لطاعته، فكان ذلك فضلًا منه، وإذا أراد خِذلانَ عبدٍ، وكلَهُ إلى نفسه، وخلَّى بينَه وبينَها، فأغواهُ الشيطانُ لغفلته عن ذكرِ الله، واتَّبع هواه، وكان أمره فُرُطًا، وكان ذلك عدلًا منه، فإنَّ الحجَّةَ قائمةٌ على العبدِ بإنزالِ الكتاب، وإرسال الرسول، فما بقي لأحدٍ مِنَ النَّاس على الله حجةٌ بعد الرُّسُلِ.
فقوله - عز وجل - بعد هذا: «فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ»
إنْ كان المرادُ: مَنْ وجدَ ذلك في الدُّنيا، فإنَّه يكونُ حينئذٍ مأمورًا بالحمد لله على ما وجده من جزاءِ الأعمال الصالحة الذي عجل له في الدُّنيا كما قال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97)، ويكون مأمورًا بلوم نفسه على ما فَعَلَتْ من الذُّنوب التي وجد عاقبتها في الدنيا، كما قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (السجدة:21)، فالمؤمن إذا أصابه في الدُّنيا بلاءٌ، رجع على نفسه باللوم، ودعاه ذلك إلى الرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار.
وقال سلمان الفارسي: إنَّ المسلمَ ليُبتلى، فيكون كفارةً لما مضى ومستعتبًا فيما بقي، وإنَّ الكافر يُبتلى، فمثله كمثل البعير أُطلِقَ، فلم يدر لما أطلق، وعقل، فلم يدر لم عُقِلَ.
وإنْ كان المرادُ من وجد خيرًا أو غيرَه في الآخرة، كان إخبارًا منه بأنَّ الذين يجدون الخيرَ في الآخرة يحمَدُونَ الله على ذلك، وأنَّ مَنْ وجدَ غير ذلك يلوم نفسه حين لا ينفعُهُ اللومُ، فيكونُ الكلام لفظه لفظُ الأمر، ومعناه الخبرُ، كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًًا، فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (رواه البخاري ومسلم) والمعنى: أنَّ الكاذبَ على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يتبوَّأ مقعده من النار.
نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 477