نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 482
وقد قيل: إنَّ المعنى في هذا أنَّ القائم متهيِّئ، للانتقام والجالس دونَه في ذلك، والمضطجع أبعدُ عنه، فأمره بالتباعد عن حالةِ الانتقام.
ولهذا المعنى قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - في الفتن: «إنَّ المضْطَجِعَ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَاعِدِ، والقَاعِدَ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمَ خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، والمَاشِي خَيرٌ مِنَ السَّاعِي» (رواه البخاري ومسلم)، وإنْ كان هذا على وجه ضرب المثالِ في الإسراع في الفتن، إلا أنَّ المعنى: أنَّ من كان أقرب إلى الإسراع فيها، فهو شرٌّ ممن كان أبعد عن ذلك.
وروى الإمامُ أحمد من حديث ابنِ عباس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «إذا غَضِبَ أحَدُكُمْ، فليَسْكُتْ» قالها ثلاثًا. (صحيح).
وهذا أيضًا دواء عظيم للغضب؛ لأنَّ الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليهِ في حال زوال غضبه كثيرًا من السِّباب وغيره مما يعظم ضَرَرُهُ، فإذا سكت زال هذا الشرّ كله عنه.
وما أحسنَ قولَ مورق العجلي - رحمه الله -: «ما امتلأتُ غيضًا قَطُّ ولا تكلَّمتُ في غضبٍ قطُّ بما أندمُ عليهِ إذا رضيتُ».
ولم أرَ في الأعداءِ حينَ اختبرتُهم عدوًا لعقلِ المرءِ أعْدَى مِن الغضبْ
ليسَتِ الأحلامُ في حالِ الرضا إنما الأحلامُ في حالِ الغضبْ
وغضب يومًا عمرُ بن عبد العزيز فقالَ لهُ ابنُه عبدُ الملكِ ـ رحمهما الله ـ:
«أنتَ يا أميرَ المؤمنين مع ما أعطاك الله وفضَّلك به تغضبُ هذا الغَضبَ؟».
فقال له: «أوَمَا تغضبُ يا عبدَ الملك؟».
فقال عبد الملك: «وما يُغني عني سعةُ جوفي إذا لم أُرَدِّدْ فيه الغضبَ حتى لا يظهر؟».
فهؤلاء قوم ملكوا أنفسهم عند الغضب - رضي الله عنهم -.
وفي (الصحيحين) عن أبي هُريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «لَيْسَ الشَّديدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّديدُ الَّذي يَملِكُ نَفْسَهُ عندَ الغَضَبِ».
نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 482