فصل (1)
وكثر ما تتأكد العزلة في الفتن لأحد صنفين:
أحدهما: من خشي على دينه أن يُفتن فيه، ويحول عنه.
الثاني: من كان ذا بأس وشدة، يُخْشَى على الناس منه ومن بأسه، ومثله صاحب الرأي والمشورة والدهاء، الذي يُخشى على الناس من رأيه، ولذا ورد عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال- لما ذُكرت عنده الفتن، وسُئل: أي أهل ذلك الزمان شر؟ - قال: "كل خطيب مِسقع، وكل راكب مُوضِع" [2]؛ وذلك لأن الأول محرِّض على الفتنة بلسانه، والآخر بسنانه، فاجتمع الشران: شر القول، وشر العمل.
فائدة العزلة وقت الفتن:
- صيانة الدين عن المساس، والنفس عن التلف، والعِرض عن الضيم والانتهاك، والمالِ عن الضياع، وقلَّ من شارك في فتنة، وسلمت له هذه كلها.
- سلامة الصدر على المسلمين، ولذلك أمر سعد - رضي الله عنه - أهله ألا يُخبروه بشيء من أخبار الناس لما وقعت الفتنة حتى يجتمعوا على إمام.
(1) انظر: "مسائل في الفتن" ص (74، 75). [2] انظر شرحه وتخريجه ص (77).