قال قتادة: "لم يتمنَّ الموت أحدٌ نبيٌّ ولا غيره إلا يوسف، حين تكاملت عليه النعم، وجُمع له الشملُ، اشتاق إلى لقاء ربه عزَّ وجلَّ، فقال: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي} [يوسف: 101]. فاشتاق إلى لقاء ربه عز وجل.
وقيل: إن يوسف - عليه السلام - لم يتمنَّ الموت، وإنما تمنى الوفاة على الإِسلام؛ أىِ: إذا جاء أجلي توفني مسلمًا، وهذا هو القول المختار في تأويل الآيهَ عند أهل التأويل). اهـ [1].
أما مريم- عليها السلام - فقال القرطبىِ - رحمه الله تعالى- في "التذكرة": و"أما مريم- عليها السلام - فإنما تمنت الموت لوجهين ([2]):
أحدهما: أنها خافت أن يُظن بها الشرُّ في دينها وتُعَيَّر، فيفتنَها ذلك.
الثاني: لئلا يقع قوم بسببها في البهتان والزور، والنسبة إلى الزنى، وذلك مهلك لهم، وقد قال الله -عزَّ وجل- في حق من افترى على عائشة - رضي الله عنها -: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]، وقال: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15] " [3].
(1) "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة" (1/ 116، 117). [2] وزاد الماوردي على هذين الوجهين ثالثًا، وهو: لأنها لم ترَ في قومها رشيدًا ذا فراسة ينزهها من السوء، كما في تفسير المارودي "النكت والعيون" (3/ 364).
(3) "التذكرة" (1/ 117، 118).