عقولُنا يومئذٍ؟ قال: "إنه لَتُنزَع عقولُ أهلِ ذلك الزمان، ويَخْلُفُ له هباءٌ [1] من الناس، يحسب كثرهم أنهم على شيء، وليسوا على شيء"، قال أبو موسى: "والذي نفسي بيده ما أجد لي ولكم منها مخرجًا إن أدركتني وإياكم - إلا أن نخرج منها كما دخلنا فيها، ولم نصب منها دمًا ولا مالًا" [2].
وقد حدد حذيفة - رضي الله عنه - مِحَكًّا يقيس به الإنسان مدى تأثره بالفتنة، فقال - رضي الله عنه -: "إن الفتنة تُعرضُ على القلوب، فأيُّ قلبٍ أُشرِبها: نُكِتت فيه نكتة سوداءُ، فإن أنكرها: نكِتت فيه نكتة بيضاءُ؛ فمن أحب منكم أن يعلم: أصابته الفتنةُ أم لا؟ فلينظر: فإن كان يرى حرامًا ما كان يراه حلالًا، أو يرى حلالًا ما كان يراه حرامًا، فقد أصابته الفتنة" [3].
* والفتنة- إذا جُففت منابعُها، وسُدت ذرائعها، وحُسِمت مادةُ أوائلها، وأُخِذَ علي أيدي سفهائها، ولم يُلتفت لقولهم: "ما أردنا إلا الخير" - سَلِمت الأمةُ من غوائلها، وكُفي الناسُ شرَّها.
عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثل القائم. على حدود الله والواقع (وفي رواية: والراتع) فيها، [والمدهِن فيها]؛ كمثل قومٍ استهموا على سفينةٍ [في البحر] [1] هباء: أي قليلو العقل، أراذل، وهو في الأصل: الغبار المُنبثُّ. [2] رواه الإِمام أحمد رقم (19492) (32/ 241)، وصححه الألباني في "الصحيحة" رقم (1682).
(3) "حلية الأولياء" (1/ 272،273).