نور الفطنة ييدد ظلمات الفتنة
ويتفاوت الناس في مدى استبصارهم بحقيقة الفتنة، واستجلاء عواقبها، تَبَعًا لما أوتوه من التقوى، والفقه.
"فالقلب كالعين في إبصارها، فتجد عينًا لا تبصر البعيد، وأخرى لا تبصر بمجرد وجود ضباب طفيف، أو غبار خفيف، فضلًا عن أن تكون في ظلام، فإبصار القلب تابع لقوة الفقه، ونور الإيمان، ومقدارهما" [1].
وقد شَبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتنة بقطع الليل المظلم، أي: الذي لا قمر فيه ولا ضياء، فالساري فيه على شفا هلكة إن لم يكن معه نور يبصر به مواقع قدمه، وهو في حال الفتن نور العلم الذي يكشف أهلَها، ويبين حالها.
قال حذيفة - رضي الله عنه -: "لا تضرك الفتنة ما عرفت دينك، إنما الفتنة إذا اشتبه عليك الحق والباطل".
وقد سمَّى الله تعالى كتابه العزيز نورًا؛ فقال -عز من قائل-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)} [النساء: 174]، وقال سبحانه: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8)} [التغابن: 8]، وقال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].
(1) "العوائق" ص (29).