والشاهد قوله - رضي الله عنه -: "إِنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ"؛ "يعني: إذا ظهر تغير الحال، وظهرت الفتن؛ فإنهم يحلُمون، ولا يعجلون، ولا يغضبون؛ لِيقُوا أصحابهم النصارى القتلَ، ويقوهم الفتنَ؛ لأنهم يعلمون- أن الفتنة إذا ظهرت؛ فإنها ستأتي عليهم؛ فلأجل تلك الخصلة فيهم، بقوا أكثر الناس إلى قيام الساعة؛ ولهذا فإننا نعجب أن لا نأخذ بهذه الخصلة التي حمد بها عمرو بن العاص - رضي الله عنه - الروم، وكانت فيهم تلك الخصلة الحميدة، ونحن أولى بكلِّ خَيْرٍ عند مَن هم سوانا" [1].
= وأما اليوم فهم أنحس الخليقة، وعلى الضد من تلك الأوصاف"، وقال الأُبِّيُّ: "هو مدح لتلك الأوصاف، لا أنها مدحٌ لهم؛ من حيث اتصافهم بها، ويحتمل أنه إنما ذكرها من حيث إنها سبب كثرتهم، وإلا فهم على الضد كما ذكر، ولا سيما فيما ذكر من كَرِّهِم بعد فرِّهم؛ فإنهم الآن ليسوا كذلك". اهـ (7/ 246).
(1) "الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن"، للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله تعالى-، ص (18، 19).