المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله نحمدُه على النعمِ الغامرة، حمدًا يُعيد قِفارَ القلوبِ عامرة، ونقرُّ له بالتوحيد على عقيدة ظاهرة، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمدٍ صلاةً تجلب لنا صلاةً إلى صلاةٍ إلى عاشرة، وعلى آله أولي المناقب الفاخرة، وصحبه ذوي الفضائل المتكاثرة.
أما بعد:
فما أحوجنا في هذا الزمان المملوء بالفتن والأكدار إلى أن نستبصر بطبائع الفتن، وكيفية النجاة منها، من خلال هدي القرآن الكريم والسنة الشريفة، وكذا هدي الصحابة الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-.
فإن الفتن تترى كالسحب المتراكمة، وتتواتر عمياء صماء مطبقة، كقطع الليل المظلم، أو كالأمواج الملاطمة، تطيش فيها العقول، وتموت فيها القلوب، إلا من عصم الله عز وجل.
ومن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو خير الهدى: الاستعداد للفتن قبل نزولها، بالتسلح بالعلم والبصيرة، مع العمل والاجتهاد، والاستعداد ليوم المعاد، عسى أن ننتبه عن الذنوب، وتلين منا القلوب، ونستيقظ من الغفلة، ونغتنم المهلة قبل المباغتة والوَهْلَة.
ومن هنا جاءت هذه "البصائر" [1] تذكرة لمن كان له قلب، أو ألقى [1] بصائر: جمع بصيرة، وهي: قوة القلب المدركة، ويقال لها -أيضًا-: بَصَر؛ =