ولما كان "الدفع أسهل من الرفع" و"الوقاية خيرًا من العلاج"، أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على من يلزم بيته اتقاءً لآفات اللسان واحترازًا من الغيبة، والنميمة، والجدل، والسعاية وغير ذلك مما يكون وقودًا لإضرام نار الفتن.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ... ومن جلس في بيته لم يغتب إنسانا كان ضامنًا على الله" [1].
وهذا يدل على فضيلة من اعتزل مجالس الناس، ولزم بيته بنية كف شر لسانه عن إخوانه المؤمنين، كما قال- صلى الله عليه وسلم - في أفضل الأعمال بعد الجهاد: "مؤمن في شِعْبٍ من الشِّعاب يعبد الله، ويَدَعُ الناسَ مِنْ شَرِّه" [2].
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسم- خرج عليهم وهم جُلُوس في مجلسٍ، فقال: "ألا أخبركم بخير [1] عَجُز الحديث رواه ابن حبَّان في "صحيحه" رقم (372)، والطبراني في "الكبير" (20/ 54)، والحاكم (2/ 90)، وصححه، ووافقه الذهبي، والبيهقي في "السنن" (9/ 166، 167). وانظر: "المسند" (5/ 241)، والبزار (1649)، و"مجمع الزوائد" (5/ 277)، (10/ 304).
ومعنى "ضامن على الله" أي: مضمون، على حَدِّ: "عيشة راضية" أي: مرضية، أو: ذو ضمان. قال النووي في "الأذكار": "معنى (ضامن) صاحب الضمان، والضمان: الرعاية للشيء، كما يقال: (تامر، ولابن) أي: صاحب تمر ولبن"، وانظر: "فيض القدير" للمناوي (3/ 319)، و"النهاية" لابن الأثير (3/ 102). [2] أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مسلمٌ (1888)، وابن ماجه (3978)، وابن حبَّان (606)، وغيرهم.