الفتن واقعة لا محالة
والفتن واقعة في أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - كونًا وقدرًا، ولا بد من أن يقع ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخبر، ومِن ثَمَّ فلا بد من التبصر بها، والاستعداد لها، والحذر منها، بل يجب مضاعفة الحذر منها في عصرنا؛ لأننا صِرنا أقربَ إلى أشراط الساعة مما كان عليه المسلمون منذ أربعة عشر قرنًا.
عن المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إن السعيد لَمَن جُنِّبَ الفتن، ولَمَن ابتُلي فصبر" [1].
وعن أمير المؤمنين معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لم يبقَ من الدنيا إلا بلاءٌ وفتنة" [2].
وعن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، قال: انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو جالس في ظلِّ الكعبة، والناس مجتمعون عليه، فسمعته يقول: بينا نحن مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في سفر إذ نزل منزلاً، فمنا من يضرب خباءه، ومنا من ينتضل [3]، ومنا من هو في جَشَرِه [4]، إذ نادى مناديه: "الصلاة جامعةً"، فاجتمعنا، فقام [1] رواه أبو داود (4263)، وقال الألباني في "الصحيحة" رقم (975): "إسناده صحيح على شرط مسلم".
(2) "صحيح ابن ماجه" (2/ 374) رقم (3260). [3] أي: يرتمون بالسهام. [4] الجَشَر: قوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى، ويبيتون مكانَهم، ولا يأوون إلى البيوت، كما في "النهاية" (1/ 273).