فأخذوا فيها فتاهوا وضلوا، وقال آخرون: كنا في الطريق حيثُ هاجت الريح فنُنِيخ فأناخوا [1]، فأصبحوا، فذهب الريح، وتبيَّن الطريق، فهؤلاء هم الجماعة، قالوا: "نلزم ما فارقنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نلقاه، ولا ندخل في شيء من الفتن" [2].
وعن الحسن قال: لما كان من أمر الناس ما كان من أمر الفتنة، أتوا عبد الله بن عمر، فقالوا: أنت سيد الناس، وابن سيدهم، والناس بك راضون: اخرج نبايعك، فقال: لا والله، لا يهراق فيَّ محجمة من دم، ولا في سببي، ما كان فيَّ الروح، قال: ثم أُتِيَ، فخُوِّفَ، فقيل له: لتخرجنَّ أو لتقتلنَّ على فراشك، فقال مثل قوله الأول؛ قال الحسن: فوالله، ما استقلوا منه شيئًا، حتى لحق بالله تعالى [3].
- وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَتَاهُ رَجُلان [4] في فِتنةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالا: إِنَّ النَّاسَ قد ضُيِّعُوا، وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ- صلى [1] أناخ بالمكان: أقام به، وأناخ الجملَ: أبركَه، والمقصود أنهم ثبتوا في أماكنهم، ولم يبرحوا. [2] رواه نعيم في "الفتن" ص (167)، وابن سعد في "الطبقات" (3/ 143)، والطبراني في "الكبير" (1/ 144)، رقم (322)، والخطابي في "العزلة" ص (72)، والحاكم (4/ 444)، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 94)، وقال الهيثمي: "رواه الطبراني (1/ 144 - رقم 322)، ورجاله رجال الصحيح" اهـ. من "مجمع الزوائد" (7/ 299)، وانظر -أيضًا-: "حلية الأولياء" (1/ 309،310).
(3) "حلية الأولياء" (1/ 293). [4] أحدهما نافع بن الأزرق، ويحتمل أن يكون الثاني العلاء بن عرار، "هدي الساري" ص (310).