وعُلم من هذا أنه إذا كان الوالد ينهى عن شيء ليس له فيه نفع ولا غرض صحيح, وللولد فيه مصلحة أو نفع - دنيوي أو ديني-, كما لو نهاه عن السنن الرواتب, أو عن الصيام النافلة, وليس للوالد نفع في ترك الولد ذلك, وليس على الولد ضرر في فعل ذلك فحينئذٍ الأقرب هو الرواية الثانية عن أحمد أن له أن يصوم, ولكن يداري الوالد, ويقول لهما قولاً ميسوراً.
مثال: لو أمره أبوه بطلاق زوجته وليس للوالد غرض صحيح في ذلك, والغرض الصحيح كأن تكون المرأة سليطة اللسان, أو أنها متهمة في دينها, وما أشبه ذلك فحينئذٍ لا ينفذ أمر الوالد, ويحمل على الغرض الصحيح ما رواه أبو داود بإسناد صحيح، عن ابن عمر - رضي الله عنه -، قال: كان تحتي امرأة أحبها, وكان عمر يكرهها, فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن تحتي امرأة أحبها وإن أبي يأمرني بطلاقها, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أطع أباك» (1)
(1) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم: 19397) وأحمد (رقم: 4711) وأبو داود (رقم: 5140) والترمذي (رقم: 1189) وابن ماجه (رقم: 2088) وابن حبان (رقم: 426) والحاكم (رقم: 2798) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.