أيضاً إن أبا داود قد ترجم له: "الجلسة المكروهة", [1] في كتاب الأدب, ولم يذكرها في كتاب الصلاة ... وممن اختار العموم أيضاً شيخنا ابن باز - رحمه الله - واللجنة الدائمة والشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - فهم يرون أن المنع في هذه الجلسة منع مطلق, والذي يظهر لي ما تقدم, وهذا اختيار الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في السلسة الضعيفة, وأن المنع فيها إنما هو في الصلاة فقط.
والحكمة ظاهرة لأجل التشبه، فإن قال قائل: إذا نهي عن هذا في الصلاة ألا يكون من التشبه بهم في خارج الصلاة؟ نقول: لا, ليس بلازم, فإنه قد يُنهى عن الشيء في الصلاة فقط, ولا يُنهى عنه خارج الصلاة, فقد نُهي عن الاختصار في الصلاة, ولم ينه عنه خارج الصلاة, وقد قالت عائشة - رضي الله عنها: «إنها صلاة اليهود» [2] يعني يختصرون يضعون أيديهم على خواصرهم, فقد ينُهى عن الشيء في الصلاة ولا [1] سنن أبي داود (4/ 413). [2] أخرجه البخاري (رقم: 3271): ولفظه: عن مسروق عن عائشة- رضي الله عنها: كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته، وتقول: إن اليهود تفعله. وعبد الرزاق (رقم: 3338) ولفظه: عن مسروق قال: نهت عائشة أن يجعل الرجل أصابعه في خاصرته في الصلاة كما تصنع اليهود. وابن أبي شيبة (رقم: 4634) عن مسروق، عن عائشة: أنها كرهت الاختصار في الصلاة، وقالت: لا تشبهوا باليهود.