موت النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -
عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِى، كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْىُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَرْحَبًا بِابْنَتِى». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا، فَبَكَتْ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَبْكِينَ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ. فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ أَسَرَّ إِلَىَّ «إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِى الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِى الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِى، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِى لَحَاقًا بِى». فَبَكَيْتُ فَقَالَ «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ - أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ». فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ [1].
وفي هذا الحديث دليل قاطع وإشارة واضحة إلى اقتراب أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن ساعة الفراق قد باتت قريبة, إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اختص ابنته فاطمة -رضي الله عنها- بعلم ذلك، ولم يعلم به المسلمون إلا بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ يَقُولُ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ , فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَحُجُّ حَجَّةً أُخْرَى. (2)
قال النووي: فيه إشارة إلى توديعهم وإعلامهم بقرب وفاته - صلى الله عليه وسلم -، وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه وانتهاز الفرصة من ملازمته وتعلم أمور الدين، وبهذا سميت حجة الوداع (3)
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقُلْتُ فِى نَفْسِى مَا يُبْكِى هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْعَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا. قَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ [1] - صحيح البخارى (3623و3634)
(2) - مسند الشاميين (908) صحيح
(3) - انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (9/ 45).