وعَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُونَ مِنْ عِبَادَتِهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاكِتٌ، فَلَمَّا سَكَتُوا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:"هَلْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَ الْمَوْتِ؟ " قَالُوا: لا، قَالَ:"فَهَلْ كَانَ يَدَعُ كَثِيرًا مِمَّا يَشْتَهِي؟ "قَالُوا: لا، قَالَ:"مَا بَلَغَ صَاحِبُكُمْ كَثِيرًا مِمَّا تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ"» رواه الطبراني (1)
فالإكثار من ذكر الموت يجعل الإنسان على استعداد تام له، فمن تذكر الموت لا يعصي الله خشية أن يأتيه الموت وهو متلبس بالمعصية، وإذا ذكر الموت وكان عاصياً ثاب إلى رشده قبل فوات الأوان، وإذا تذكر الموت انضبط بشكل دقيق، بحيث لا يسمح لأهوائه وشهواته أن تسيطر عليه.
إنه لا إصلاح للبشرية إلا بذكر الموت، لأنه صمام الأمان من الفساد والسقوط والتردي، فالذي يتذكر الموت، لا بد أن يتذكر ما بعد الموت، وإلى أين سيذهب، ولا بد أن يتذكر الجزاء، والوقوف بين يدي الله، لا حول له ولا طول، وليس معه إلا ما قدم من عمل.
لذا قالوا: من أكثر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل في العبادة، اللهم اجعلنا ممن يتذكر الموت قبل الفوت يا أرحم الراحمين.
ــــــــــــــــ
(1) - برقم (5808) المجمع 10/ 309 (18206) وقال رواه الطبراني وإسناده حسن.