وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلاَ، قَالَ: وَعِزَّتِي لاَ أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ، إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أخرجه ابن حبان في صحيحه (1)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى، إِنْ ظَنَّ بِى خَيْراً فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ». أخرجه أحمد (2)
وقال المناوي في فيض القدير: (قال اللّه تعالى أنا عند ظن عبدي بي إن ظن) بي (خيراً فله) مقتضى ظنه (وإن ظن) بي (شراً) أي أني أفعل به شراً (فله) ما ظنه فالمعاملة تدور مع الظن فإذا أحسن ظنه بربه وفى له بما أمل وظن والتطير سوء الظن باللّه وهروب عن قضائه فالعقوبة إليه سريعة والمقت له كائن، ألا ترى إلى العصابة التي فرت من الطاعون كيف أماتهم؟ قال الحكيم الترمذي: الظن ما تردد في الصدر وإنما يحدث من الوهم والظن هاجسة النفس وللنفس إحساس بالأشياء فإذا عرض أمر دبر لها الحس شأن الأمر العارض فما خرج لها من التدبير فهو هواجس النفس فالمؤمن نور التوحيد في قلبه فإذا هجست نفسه لعارض أضاء النور فاستقرت النفس فاطمن القلب فحسن ظنه لأن ذلك النور يريه من علائم التوحيد وشواهده ما تسكن النفس إليه وتعلمه أن اللّه كافيه وحسبه في كل أموره وأنه كريم رحيم عطوف به فهذا حسن الظن باللّه وأما إذا غلب شره النفس وشهواتها فيفور دخان شهواتها كدخان الحريق فيظلم القلب وتغلب الظلمة على الضوء فتحيى النفس بهواجسها وأفكارها وتضطرب ويتزعزع القلب عن مستقره وتفقد الطمأنينة وتعمى عين الفؤاد لكثرة الظلمة والدخان فذلك سوء الظن باللّه فإذا أراد اللّه بعبد خيراً أعطاه حسن الظن بأن يزيده نوراً يقذفه في قلبه ليقشع ظلمة الصدر كسحاب ينقشع عن ضوء القمر ومن لم يمنح ذلك فصدره مظلم لما أتت به النفس من داخل شهواتها والعبد
(1) - برقم (2494) موارد والإحسان (642) وهب (794) وتاريخ البخاري 8/ 12 والحلية 6/ 98 والمجمع 10/ 308 (18200) والصحيحة (742) وهو حديث صحيح.
(2) - 2/ 315 (9314) والإحسان (641) والمجمع 2/ 319 (3888) وصحيح الجامع (4315) وهو حديث صحيح لغيره.