المبحثُ الثالث عشر
علامة خاتمة الخير وسوئها
إن آخر ساعة في حياة الإنسان هي الملخص لما كانت عليه حياته كلها، فمن كان مقيمًا على طاعة الله عز وجل بدا ذلك عليه في آخر حياته ذكرًا وتسبيحًا وتهليلاً وعبادة وشهادة.
عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَعَمَلِهِ، وَأَجَلِهِ، وَشَقِيٌّ هُوَ أَمْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا "رواه الشيخان (1)
في هذا الحديث الشريف بشارة وتخويف، بشارة لمن تاب وأصلح عمله قبل الموت بأنه إذا ختم له بعمل أهل الجنة كان من أهلها، وتخويف للمؤمن الطائع من أن يزلَّ ويعمل بعمل أهل النار خشية أن يحضره أجله وهو على هذه الحالة فيدخلها والعياذ بالله.
والناس في خاتمتهم على أقسام:
1 - أشرفها من كان في حياته مؤمنًا صالحًا فلما قرب أجله ازداد اجتهادًا في العبادة، فمات على أكمل أحواله، وعلى رأس هؤلاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: اجْتَمَعَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ تُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي مَا تُخْطِئُ مِشْيَتَهَا مِنْ مِشْيَةِ أَبِيهَا - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: " مَرْحَبًا يَا بِنْتِي "، فَأَقْعَدَهَا، عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ، فَقُلْنَا لَهَا: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنَنَا لِسِرٍّ
(1) - شعب الإيمان - (1/ 361) (184) وصحيح البخارى- المكنز - (3208) وصحيح مسلم- المكنز - (6893)