وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَاتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِى وَذَاقِنَتِى، فَلاَ أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأَحَدٍ أَبَدًا بَعْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - [1].
قال في تحفة الأحوذي " لَمَّا رَأَيْت شِدَّةَ وَفَاتِهِ عَلِمْت أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْمُنْذِرَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى سُوءِ عَاقِبَةِ الْمُتَوَفَّى، وَأَنَّ هَوْنَ الْمَوْتِ وَسُهُولَتَهُ لَيْسَ مِنَ الْمُكْرِمَاتِ. وَإِلَّا لَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فَلَا أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لِأَحَدٍ وَلَا أَغْبِطُ أَحَدًا يَمُوتُ مِنْ غَيْرِ شِدَّةٍ " [2].
وقال الحافظ: " وَفِي الْحَدِيث أَنَّ شِدَّة الْمَوْت لَا تَدُلّ عَلَى نَقْصٍ فِي الْمَرْتَبَةِ بَلْ هِيَ لِلْمُؤْمِنِ إِمَّا زِيَادَةٌ فِي حَسَنَاتِهِ وَإِمَّا تَكْفِيرٌ لِسَيِّئَاتِهِ " (3)
ولكن ينظرُ إلى حال المرء قبل وفاته ومدى استقامته والتزامه بأوامر الشرع ومدى إقباله على الطاعات وبعده عن المعاصي والمحرمات, فمن اتصف بذلك يرجى له الخيرُ وحسنُ الخاتمة.
هل الخلوُّ من أمارات حُسْن الخاتمة يدلُّ على سوئها؟
إنَّ علينا أن نحسن الظنَّ بالمسلمين، وخاصة إذا كانوا من أهل الخير والصلاح حسبما يبدو لنا، فإنَّ الظاهر مرآةُ الباطن، وقد نهانا الله عز وجل عن سوء الظن، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات: 12].
ولهذا، فإن من السنَّة تغطيةَ وجهِ الميت، قال ابن العربي: إنما أمر بتغطية وجه الميت، لأنه ربما يتغير وجهه تغيراً وحشياً من المرض فيظنُّ من لا معرفة له ما لا يجوز من سوء الظن به.
وقد ذكر أهل العلم أمارات لحسن الخاتمة، منها: أن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله، ومنها: الموت يوم الجمعة وعرق الجبين، وقالوا: ليس معنى ذلك أن الخلو من [1] - صحيح البخارى- المكنز - (4446) -الحاقنة: المنخفضة بين الترقوتين من الحلق -الذاقنة: الذقن [2] - تحفة الأحوذي - (3/ 37)
(3) - فتح الباري لابن حجر - (11/ 363)