وظاهر كلام أبي هريرة وجوب الإجابة [1] ودعا ابن عمر في وليمة الأغنياء والفقراء، فأجلس الفقراء على حدة وقال: هاهنا لا تفسدوا عليهم ثيابهم، فإنا سنطعمكم مما يأكلون.
وقال الحافظ: أنها تكون شر الطعام إذا كانت بهذه الصفة ولهذا قال ابن مسعود: إذا خص الغني وترك الفقير أمرنا أن لا نجيب [2].
وقال ابن بطال: إذا ميز الداعي بين الأغنياء والفقراء فأطعم كلا على حدة لم يكن به بأس، وقد فعله ابن عمر [3].
وفي اشتراط هذا الشرط نظر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمى الوليمة التي هذه حالها شر الطعام ثم حكم على من لم يجب بالعصيان، فلو كان ذلك مسقطًا للوجوب ما حكم - صلى الله عليه وسلم - على المدعو إذا لم يجب بالعصيان والله أعلم.
الشرط الثامن والتاسع: أن لا يكون فيها زحام [4] أو إغلاق باب.
قال العراقي: واعتبر مالك - رحمه الله - في وجوب الإجابة أن لا يكون هناك زحام ولا إغلاق باب دونه، حكاه ابن الحاجب في مختصره، فأما الأول وهو انتفاء الزحام فقد صرح الروياني من أصحابنا بخلافه وقال: إن الزحام ليس عذرًا، وقد يقال إنه مخالف لما سبق من اعتبار أن لا يكون هناك من يتأذى به فإن الزحام مما يتأذى به. [1] ووجه ذلك أن أبا هريرة رضي الله عنه وصف من لم يجب الدعوة التي هذه صفتها بالعصيان. [2] الفتح (9/ 245). [3] وقال ابن العربي عقب فعل ابن عمر هذا: وهذا ما لم يثبت فلا يعول عليه، ولو أردنا الجمع بين أهل الأحوال والفقراء لفقرهم ولم يعتذر إليهم فإن هذا كسر لنفوسهم وإثم يدخل عليه من جهتهم، فلا يفي إشباعهم بإجاعتهم. عارضة الأحوذي (5/ 9). [4] ذكر هذا الشرط العراقي في طرح التثريب (7/ 77) والأبي في إكمال إكمال المعلم (5/ 94).