بيت آخر من دارها، لم يجبها مخافة الفتنة، حكاه النووي في الروضة وأقره. وقال السبكي: وهو الصواب إلا أن يكون الحال على خلاف ذلك كما كان سفيان الثوري وأضرابه يزورون رابعة العدوية ويسمعون كلامها، فإذا وجدت امرأة مثل رابعة ورجل مثل سفيان لم يكره لهما ذلك.
قلت: أين مثل سفيان ورابعة بل الضابط أن يكون الحضور إليها لأمر ديني مع أمن الفتنة.
وقال شيخنا جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي: إن أراد المروزي تحريم الإجابة فممنوع، وإن أراد عدم الوجوب فلا حاجة لتقييده بعدم وجود محرم لأن هنا مانعًا آخر من الوجوب وهو عدم العموم [1].
وقال ابن عبد البر في حديث أنس رضي الله عنه أن جدته مليكة دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعته فأكل منه ... [2] الحديث.
وفيه إن المرأة المتجالة والمرأة الصالحة إذا دعت إلى طعام أجيبت هذا إن صح أنها لم تكن بذات محرم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي قول الله عز وجل {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: 60] كفاية.
وقال النووي: المرأة إذا دعت النساء كما ذكرنا في الرجال، فإذا دعت رجلا أو رجالاً وجبت الإجابة إذا لم يكن خلوة محرمة [3].
وتقدم [4] حديث الشاة المسمومة التي أتت بها اليهودية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. [1] التمهيد (1/ 265). [2] الروضة (7/ 337). [3] في الشرط الأول من شروط الداعي ص: (117). [4] ذكر هذا الشرط العراقي في طرح التثريب (7/ 77) والمرداوي في الإنصاف (8/ 318) وابن مفلح في الآداب الشرعية (/296).