ثم إن هذا الحديث قد يقال إنه يعارض الأحاديث المتقدمة كحديث أبي هريرة وجابر وابن عمر وابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خير المدعو بين أن يطعم أو يترك، وفي بعضها أنه أمره إن كان صائمًا أن يدعو ولم يأمره بالفطر كما في حديث أبي سعيد إلا أن يحمل حديث أبي سعيد إن صح على أن هذا راجع إلى صاحب الدعوة، فإن كان يشق عليه عدم الفطر فإنه يفطر وإن كان صيامه لا يؤثر في نفس الداعي فيدعو له وينزل كل حديث موضعه، والله أعلم.
2 - قالوا إن في الأكل إجابة لدعوة أخيه المسلم وإدخال السرور في قلبه [1].
قال ابن قدامة: وإن كان صومًا تطوعًا استحب له الأكل لأنه له الخروج من الصوم فإذا كان في الأكل إجابة أخيه المسلم وإدخال السرور على قلبه كان أولى، وقد روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في دعوة ومعه جماعة فاعتزل رجل من القوم ... الحديث وإن أحب إتمام الصيام جاز لما روينا من الخبر المتقدم ولكن يدعو لهم ويبارك ويخبرهم بصيامه ليعلموا عذره فتزول عنه التهمة في ترك الأكل، وقد روى أبو حفص بإسناده عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه أجاب عبدًا لمغيرة وهو صائم فقال: إني صائم ولكنني أحببت أن أجيب الداعي فأدعو بالبركة.
وعن عبد الله قال: «إذا عرض على أحدكم طعام وهو صائم فليقل إني صائم وإن كان مفطرًا فالأولى له الأكل لأنه أبلغ في إكرام الداعي وجبر قلبه». ولا يجب ذلك عليه.
وقال أصحاب الشافعي فيه وجه آخر أنه يلزمه الأكل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - [1] المغني (7/ 4).