نام کتاب : أسرار المحبين في رمضان نویسنده : محمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 140
استدل الله جل جلاله على نفي ألوهية عيسى وأمه بأنهما كانا يأكلان الطعام، فإن الذي يأكل الطعام يحتاج إلى الإخراج، وفيه ما فيه ..
فأول مشهد يشهده الصائم مشهد التوحيد، فيشهد قلبه عظمة الله جل جلاله وعلوه على خلقه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، فهو الغني لا يحتاج إلى شيء، ولا يحتاج إلى أحد، ويشهد العبد من نفسه ذله وفقره وفاقته وحاجته، فامتناعه عن الطعام والشراب سويعات قليلة يرخي جسمه، ويفتر عقله، ويثقل لسانه، ويمنع عقله عن التفكير إلا فيما هو محتاج إليه من الأكل والشرب.
وشهود العبد مشهد التوحيد هذا نافع له في صيامه وإفطاره، فإنه يشهد عظمة ربه وغناه وقدرته سبحانه: {يَسْأَلُهُ مَنْ في السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ} [الرحمن: 29]، وقال -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: 3]، وشعور القلب بهذه العظمة يملؤه غنى، ويمنح القلب قوة في السير إليه سبحانه، وهذا الشعور بالغنى يستغني به العبد عن رؤية المخلوقين والتوكل عليهم والارتباط بهيم والتعلق بهم، وتطهير القلب من آفات لا تعد ولا تحصى.
ويقوى هذا المشهد في رمضان دون غيره لاستدامة الصيام ورؤية هذا الحال في الناس، فإن ثلاثين يومًا يرى فيها العبد انكسار الناس وذلهم لفقد الطعام والشراب وحرمانهم منه، والغنى العالي الذي يبدو على من شهد مشهد التوحيد يجعله مسرورًا بما يجده، ألم تر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آثر الصيام على الإفطار، فكان يواصل، ويشبعه مشهد التوحيد هذا فيقول: "أبيت عند ربي فيطعمني ويسقيني" [1]. [1] أخرجه أبو داود (2374)، وصححه الألباني (2080) في "صحيح أبي داود".
نام کتاب : أسرار المحبين في رمضان نویسنده : محمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 140