نام کتاب : وقفات على الطريق نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 144
أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ!» .. ولو شاء اللّه لرفعه بما آتاه من العلم بآياته. ولكنه - سبحانه - لم يشأ، لأن ذلك الذي علم الآيات أخلد إلى الأرض واتبع هواه، ولم يتبع الآيات ..
إنه مثل لكل من آتاه اللّه من علم اللّه فلم ينتفع بهذا العلم ولم يستقم على طريق الإيمان. وانسلخ من نعمة اللّه. ليصبح تابعا ذليلا للشيطان. ولينتهي إلى المسخ في مرتبة الحيوان! ثم ما هذا اللهاث الذي لا ينقطع؟
إنه - في حسنا كما توحيه إيقاعات النبأ وتصوير مشاهده في القرآن - ذلك اللهاث وراء أعراض هذه الحياة الدنيا التي من أجلها ينسلخ الذين يؤتيهم اللّه آياته فينسلخون منها. ذلك اللهاث القلق الذي لا يطمئن أبدا. والذي لا يتركه صاحبه سواء وعظته أم لم تعظه فهو منطلق فيه أبدا! والحياة البشرية ما تني تطلع علينا بهذا المثل في كل مكان وفي كل زمان وفي كل بيئة .. حتى إنه لتمر فترات كثيرة، وما تكاد العين تقع على عالم إلا وهذا مثله. فيما عدا الندرة النادرة ممن عصم اللّه، ممن لا ينسلخون من آيات اللّه، ولا يخلدون إلى الأرض ولا يتبعون الهوى ولا يستذلهم الشيطان ولا يلهثون وراء الحطام الذي يملكه أصحاب السلطان! .. فهو مثل لا ينقطع وروده ووجوده وما هو بمحصور في قصة وقعت، في جيل من الزمان! وقد أمر اللّه رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يتلوه على قومه الذين كانت تتنزل عليهم آيات اللّه، كي لا ينسلخوا منها وقد أوتوها. ثم ليبقى من بعده ومن بعدهم يتلى، ليحذر الذين يعلمون من علم اللّه شيئا أن ينتهوا إلى هذه النهاية البائسة وأن يصيروا إلى هذا اللهاث الذي لا ينقطع أبدا وأن يظلموا أنفسهم ذلك الظلم الذي لا يظلمه عدو لعدو. فإنهم لا يظلمون إلا أنفسهم بهذه النهاية النكدة! ولقد رأينا من هؤلاء - والعياذ باللّه - في زماننا هذا من كان كأنما يحرص على ظلم نفسه أو كمن يعض بالنواجذ على مكان له في قعر جهنم يخشى أن ينازعه إياه أحد من المتسابقين معه في الحلبة! فهو ما يني يقدم كل صباح ما يثبت به مكانه هذا في جهنم! وما يني يلهث وراء هذا المطمع لهاثا لا ينقطع حتى يفارق هذه الحياة الدنيا! اللهم اعصمنا، وثبت أقدامنا، وأفرغ علينا صبرا، وتوفنا مسلمين ..
ثم نقف أمام هذا النبأ والتعبير القرآني عنه وقفة أخرى ..
نام کتاب : وقفات على الطريق نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 144