نام کتاب : وجهة العالم الإسلامي نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 135
(الشيطان) ليتم لهم عملهم، ويبث في قوانين المجتمع ونظمه ما كان قد نجم في طباع الفرد من خبث وسوء.
فالمستعمر الذي تعود تسخير (المستعمَر في العمل) لوته عادته عن مهمته الحقيقية، وعرّته عن معنى حضارته، وكانت مباشرته الظلم سبباً أنساه العدالة وأصولها: من احترام القانون والشعور بحق الآخرين، وأدت به السهولة التي جرت عليها الحياة الاستعمارية إلى إنسائه كل جهد، بما في ذلك الجهد الفردي، حتى إن طائفة من المستعمرين بالجزائر وهي تقارب مليوناً من الأنفس لا يبلغ جهدها الفكري قدر ما يبلغه جهد مدينة صغيرة في فرنسا.
وهكذا يتجرد المستعمر من حضارته في هدوء فيتوحش وينحط، من حيث أراد أن يفعل ذلك بالمستعمر، ولكن ((من حفر مغواة لأخيه وقع فيها))، وبذلك تتم النبوءة، فالرجل الاستعماري هو نفسه قد أصبح اليوم معزولاً عن حضارته، فلم يعد يفهم ماهية مشكلاتها، فإن تعصبه العنصري قد هاج من (نزعته الفردية) في النطاق القومي، وأوقد نزوعه إلى الحرب في النطاق العالمي.
وهكذا أيضاً لم تعد الإدارة الاستعمارية إدارة عامة، أو هيئة من هيئات الدولة، بل أصبحت بالتدريج (شركة أفراد) أو بعبارة أصح أصبحت (عصابة) كتلك الشركة التي كانت بالهند منذ بعيد.
لقد صارت شركة مستقلة لا تتصل لوائحها ونظمها الداخلية تقريباً بمصالح بلادها المستعمرة، ولا علاقة لها البتة بمصالح الشعب المستعمَر [1]، فليس الأمر أمر إدارة، بل هي فرق من الموظفين يسعى كل فرد فيها وراء مغنمه، ويستولي استيلاء على كل ما تطمح نفسه إليه. [1] يلمس القارئ شاهداً على هذا مما احتدم من نزاع بين حكومة ديغول القومية وبين عصابة المتمردين بزعامة (سالان).
نام کتاب : وجهة العالم الإسلامي نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 135