نام کتاب : وجهة العالم الإسلامي نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 156
التقليدية، لم يسجل إذن في نسق من الأحداث التاريخية، فهو بهذا يعد (مزلقة) لا تؤدي بالإنسان إلى مرحلة من الوعي، بل إلى مرحلة يتعلم فيها ما يتصل بعلم الكلام، أي إنه يسلك النهج الذي سبق أن سلكه المسلمون في عصر ما بعد (صفين)، فهو إذن إصلاح للعلم، قلما يمس، بل لا يمس البتة مصير المجموعات الإنسانية.
ولقد شذّت عن هذه الوتيرة حركة الإصلاح في الجزائر، بفضل تلك الشخصية العظيمة، شخصية الشيخ عبد الحميد بن باديس، وهو الرجل الذي قدر لإشعاعه أن يبلغ أعماق الضمير الشعبي.
ولكن يبدو أن الحركة الإصلاحية في عمومها، لا تملك اليوم ما ظفرت به في بدايتها من نفثة روحية وانتفاضة تصوفية، فظلت كما رأينا تعاليم تهدف إلى تكوين متخصصين بارعين، أكثر مما تتجه إلى خلق مخلصين، ومع ذلك فيبدو أيضاً أنها تتخلى عن مكانها ليحل محلها اتجاه جديد أكثر انطباقاً مع ما دعا إليه إقبال. فمنذ خمسة عشر عاماً نشأت في العالم الإسلامي جماعات دينية، تلمس فيها الضمير المسلم طريقه من جديد. وإحدى هذه الجماعات كان لها في هذا المضمار حظ وافر، فكأنها استجابة حقة لما دعا إليه الاتجاه الجديد في آراء إقبال، ولقد ظفرت تلك الجماعة بأتباع كثيرين من سورية ومصر، ولكنا لا نملك، بكل أسف، ما يكفينا من الأسانيد والوثائق لدراستها، باعتبارها حركة تمتاز في جوهرها بالمؤاخاة العملية التي كان يحملها عنوانها.
إن المجتمع الإسلامي الأول لم يتأسس على عاطفة مجردة أو شعور ساذج، بل قام على عمل جوهري هو (المؤاخاة) بين الأنصار والمهاجرين، وكان ذلك ميثاقاً لتلك الحركة الحديثة التي حاولت التأليف بين أعضاء المجتمع، تأليفاً يحمل معنى المشاركة في الأفكار والأموال.
ولقد ظفرت الحركة بزعيم، لم يكن فيلسوفاً أو عالم كلام، فقد اكتفى بأن
نام کتاب : وجهة العالم الإسلامي نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 156