responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 190
فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمُشَاغَبَةَ الْمَزْعُومَةَ فِي تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ مَفْسَدَةٌ، أَوْ أَنَّ إِيلَامَ قَلْبِ الزَّوْجَةِ الْأَوْلَى بِالضَّرَّةِ مَفْسَدَةٌ، لَقُدِّمَتْ عَلَيْهَا تِلْكَ الْمَصَالِحُ الرَّاجِحَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ، قَالَ فِي مَرَاقِي السُّعُودِ عَاطِفًا عَلَى مَا تُلْفِي فِيهِ الْمَفْسَدَةَ الْمَرْجُوحَةَ فِي جَنْبِ الْمُصْلِحَةِ الرَّاجِحَةِ:
أَوْ رَجَّحَ الْإِصْلَاحَ كَالْأَسَارَى ... تُفْدَى بِمَا يَنْفَعُ لِلنَّصَارَى
وَانْظُرْ تَدَلِّي دَوَالِي الْعِنَبِ ... فِي كُلِّ مَشْرِقِ وَكُلِّ مَغْرِبٍ
فَفِدَاءُ الْأُسَارَى مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، وَدَفْعُ فَدَائِهِمُ النَّافِعِ لِلْعَدُوِّ مَفْسَدَةٌ مَرْجُوحَةٌ، فَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا الْمَصْلَحَةُ الرَّاجِحَةُ، أَمَّا إِذَا تَسَاوَتِ الْمَصْلَحَةُ وَالْمُفْسَدَةُ، أَوْ كَانَتِ الْمَفْسَدَةُ أَرْجَحَ كَفِدَاءِ الْأُسَارَى بِسِلَاحٍ يَتَمَكَّنُ بِسَبَبِهِ الْعَدُوُّ مِنْ قَتْلِ قَدْرِ الْأُسَارَى أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ تُلْغَى لِكَوْنِهَا غَيْرَ رَاجِحَةٍ، كَمَا قَالَ فِي الْمَرَاقِي:
اخْرُمْ مُنَاسِبًا بِمُفْسِدٍ لَزِمْ ... لِلْحُكْمِ وَهُوَ غَيْرُ مَرْجُوحٍ عُلِمْ
وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ تُعْصَرُ مِنْهُ الْخَمْرَ وَهِيَ أُمُّ الْخَبَائِثِ، إِلَّا أَنَّ مَصْلَحَةَ وُجُودِ الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِمَا فِي أَقْطَارِ الدُّنْيَا مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى مَفْسَدَةِ عَصْرِ الْخَمْرِ مِنْهَا أُلْغِيَتْ لَهَا تِلْكَ الْمَفْسَدَةُ الْمَرْجُوحَةُ، وَاجْتِمَاعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِحُصُولِ الزِّنَى إِلَّا أَنَّ التَّعَاوُنَ بَيْنَ الْمُجْتَمَعِ مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ مَصْلَحَةٌ أَرْجَحُ مِنْ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ، وَلِذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ يَجِبُ عَزْلُ النِّسَاءِ فِي مَحَلٍّ مُسْتَقِلٍّ عَنِ الرِّجَالِ، وَأَنْ يُجْعَلَ عَلَيْهِنَّ حِصْنٌ قَوِيٌّ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَيْهِنَّ مَعَهُ، وَتُجْعَلُ الْمَفَاتِيحُ بِيَدِ أَمِينٍ مَعْرُوفٌ بِالتُّقَى وَالدِّيَانَةِ، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ.
فَالْقُرْآنُ أَبَاحَ تَعَدُّدَ الزَّوْجَاتِ لِمَصْلَحَةِ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ حِرْمَانِهَا مِنَ الزَّوَاجِ، وَلِمَصْلَحَةِ الرَّجُلِ بِعَدَمِ تَعَطُّلِ مَنَافِعِهِ فِي حَالِ قِيَامِ الْعُذْرِ بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلِمَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ لِيَكْثُرَ عَدَدُهَا فَيُمْكِنُهَا مُقَاوَمَةُ عَدُوِّهَا لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ تَشْرِيعُ حَكِيمٍ خَبِيرٍ لَا يَطْعَنُ فِيهِ إِلَّا مَنْ أَعْمَى اللَّهُ بَصِيرَتَهُ بِظُلُمَاتِ الْكُفْرِ0وَتَحْدِيدُ الزَّوْجَاتِ بِأَرْبَعٍ؛ تَحْدِيدٌ مِنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، وَهُوَ أَمْرٌ وَسَطٌ بَيْنَ الْقِلَّةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى تَعَطُّلِ بَعْضِ مَنَافِعِ الرَّجُلِ، وَبَيْنَ الْكَثْرَةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِلَوَازِمَ الزَّوْجِيَّةِ لِلْجَمِيعِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

نام کتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست