responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 198
وَتَشَوَّفَ الشَّارِعُ تَشَوُّفًا شَدِيدًا لِلْحُرِّيَّةِ وَالْإِخْرَاجِ مِنَ الرِّقِّ، فَأَكْثَرَ أَسْبَابَ ذَلِكَ، كَمَا أَوْجَبَهُ فِي الْكَفَّارَاتِ مِنْ قَتْلٍ خَطَأٍ وَظِهَارٍ وَيَمِينٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَوْجَبَ سَرَايَةَ الْعِتْقِ، وَأَمَرَ بِالْكِتَابَةِ فِي قَوْلِهِ: فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [24/ 33]،وَرَغَّبَ فِي الْإِعْتَاقِ تَرْغِيبًا شَدِيدًا، وَلَوْ فَرَضْنَا-وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى- أَنَّ حُكُومَةً مِنْ هَذِهِ الْحُكُومَاتِ الَّتِي تُنْكِرُ الْمِلْكَ بِالرِّقِّ، وَتُشَنِّعُ فِي ذَلِكَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ قَامَ عَلَيْهَا رَجُلٌ مِنْ رَعَايَاهَا كَانَتْ تُغْدِقُ عَلَيْهِ النِّعَمَ، وَتُسْدِي إِلَيْهِ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ، وَدَبَّرَ عَلَيْهَا ثَوْرَةً شَدِيدَةً يُرِيدُ بِهَا إِسْقَاطَ حُكْمَهَا، وَعَدَمَ نُفُوذِ كَلِمَتِهَا، وَالْحَيْلُولَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تُرِيدُهُ مِنْ تَنْفِيذِ أَنْظِمَتِهَا، الَّتِي يَظْهَرُ لَهَا أَنَّ بِهِمَا صَلَاحَ الْمُجْتَمَعِ، ثُمَّ قَدَرَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ مُقَاوَمَةٍ شَدِيدَةٍ فَإِنَّهَا تَقْتُلُهُ شَرَّ قِتْلَةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَتْلَ يَسْلُبُهُ جَمِيعَ تَصَرُّفَاتِهِ وَجَمِيعَ مَنَافِعِهِ، فَهُوَ أَشَدُّ سَلْبًا لِتَصَرُّفَاتِ الْإِنْسَانِ وَمَنَافِعِهِ مِنَ الرِّقِّ بِمَرَاحِلَ، وَالْكَافِرُ قَامَ بِبَذْلِ كُلِّ مَا فِي وُسْعِهِ لِيَحُولَ دُونَ إِقَامَةِ نِظَامِ اللَّهِ الَّذِي شَرَعَهُ لِيَسِيرَ عَلَيْهِ خَلْقُهُ، فَيُنْشَرُ بِسَبَبِهِ فِي الْأَرْضِ الْأَمْنُ وَالطُّمَأْنِينَةُ، وَالرَّخَاءُ وَالْعَدَالَةُ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتَنْتَظِمُ بِهِ الْحَيَاةُ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ وَأَعْدَلِهَا وَأَسْمَاهَا: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [16/ 90] فَعَاقَبَهُ اللَّهُ هَذِهِ الْمُعَاقَبَةَ بِمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ، وَوَضْعُ دَرَجَتِهِ وَجَرِيمَتِهِ تَجْعَلُهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ الرَّقِيقُ مُسْلِمًا فَمَا وَجْهُ مِلْكِهِ بِالرِّقِّ؟ مَعَ أَنَّ سَبَبَ الرِّقِّ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ وَمُحَارَبَةُ اللَّهِ وَرُسُلِهِ قَدْ زَالَ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَكَافَّةِ الْعُقَلَاءِ: أَنَّ الْحَقَّ السَّابِقَ لَا يَرْفَعُهُ الْحَقُّ اللَّاحِقُ، وَالْأَحَقِّيَّةُ بِالْأَسْبَقِيَّةِ ظَاهِرَةٌ لَا خَفَاءَ بِهَا، فَالْمُسْلِمُونَ عِنْدَمَا غَنِمُوا الْكُفَّارَ بِالسَّبْيِ ثَبَتَ لَهُمْ حَقُّ الْمِلْكِيَّةِ بِتَشْرِيعِ خَالِقِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ هَذَا الْحَقُّ وَثَبَتَ، ثُمَّ أَسْلَمَ الرَّقِيقُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ حَقُّهُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الرِّقِّ بِالْإِسْلَامِ مَسْبُوقًا بِحَقِّ الْمُجَاهِدِ الَّذِي سَبَقَتْ لَهُ الْمِلْكِيَّةُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ رَفْعُ الْحَقِّ السَّابِقِ بِالْحَقِّ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ، نَعَمْ، يَحْسُنُ بِالْمَالِكِ وَيَجْمُلُ بِهِ أَنْ يُعْتِقَهُ إِذَا أَسْلَمَ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّارِعُ بِذَلِكَ وَرَغَّبَ فِيهِ، وَفَتَحَ لَهُ الْأَبْوَابَ الْكَثِيرَةَ كَمَا

نام کتاب : هداية القرآن للتي هي أقوم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست