responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 256
الكاذب، والاستهتار السادر، والغفلة المردية وأن يعتبروا بما كان في الذين خلوا من قبلهم. عسى ألا يكون فيهم. لو كانوا يسمعون! وما يريد اللّه للناس بهذا التحذير في القرآن أن يعيشوا مفزعين قلقين يرتجفون من الهلاك والدمار أن يأخذهم في لحظة من ليل أو نهار. فالفزع الدائم من المجهول، والقلق الدائم من المستقبل، وتوقع الدمار في كل لحظة .. قد تشل طاقة البشر وتشتتها وقد تنتهي بهم إلى اليأس من العمل والنتاج وتنمية الحياة وعمارة الأرض .. إنما يريد اللّه منهم اليقظة والحساسية والتقوى، ومراقبة النفس، والعظة بتجارب البشر، ورؤية محركات التاريخ الإنساني، وإدامة الاتصال باللّه، وعدم الاغترار بطراءة العيش ورخاء الحياة.
واللّه يعد الناس الأمن والطمأنينة والرضوان والفلاح في الدنيا والآخرة، إذا هم أرهفوا حساسيتهم به، وإذا هم أخلصوا العبودية له وإذا هم اتقوه فاتقوا كل ما يلوث الحياة. فهو يدعوهم إلى الأمن في جوار اللّه لا في جوار النعيم المادي المغري. وإلى الثقة بقوة اللّه لا بقوتهم المادية الزائلة. وإلى الركون إلى ما عند اللّه لا إلى ما يملكون من عرض الحياة.
ولقد سلف من المؤمنين باللّه المتقين للّه سلف ما كان يأمن مكر اللّه. وما كان يركن إلى سواه. وكان بهذا وذاك عامر القلب بالإيمان، مطمئنا بذكر اللّه، قويا على الشيطان وعلى هواه، مصلحا في الأرض بهدى اللّه، لا يخشى الناس واللّه أحق أن يخشاه.
وهكذا ينبغي أن نفهم ذلك التخويف الدائم من بأس اللّه الذي لا يدفع، ومن مكر اللّه الذي لا يدرك. لندرك أنه لا يدعو إلى القلق إنما يدعو إلى اليقظة، ولا يؤدي إلى الفزع إنما يؤدي إلى الحساسية، ولا يعطل الحياة إنما يحرسها من الاستهتار والطغيان.
والمنهج القرآني - مع ذلك - إنما يعالج أطوار النفوس والقلوب المتقلبة، وأطوار الأمم والجماعات المتنوعة، ويطب لكل منها بالطب المناسب في الوقت الملائم. فيعطيها جرعة من الأمن والثقة والطمأنينة إلى جوار اللّه، حين تخشى قوى الأرض وملابسات الحياة.

نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست