نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 312
إن الذي يعود إلى ملة الطاغوت والجاهلية، التي لا يخلص فيها الناس الدينونة والطاعة للّه وحده، والتي يتخذ الناس فيها أربابا من دون اللّه يقرون لهم بسلطان اللّه .. إن الذي يعود إلى هذه الملة - بعد إذ قسم اللّه له الخير وكشف له الطريق، وهداه إلى الحق، وأنقذه من العبودية للعبيد - إنما يؤدي شهادة كاذبة على اللّه ودينه. شهادة مؤداها أنه لم يجد في ملة اللّه خيرا فتركها وعاد إلى ملة الطاغوت! أو مؤداها - على الأقل - أن لملة الطاغوت حقا في الوجود، وشرعية في السلطان وأن وجودها لا يتنافى مع الإيمان باللّه. فهو يعود إليها ويعترف بها بعد أن آمن باللّه .. وهي شهادة خطيرة أخطر من شهادة من لم يعرف الهدى، ولم يرفع راية الإسلام. شهادة الاعتراف براية الطغيان. ولا طغيان وراء اغتصاب سلطان اللّه في الحياة! وكذلك يستنكر شعيب - عليه السلام - ما يتهدده به الطغاة من إعادته هو والذين آمنوا معه إلى الملة التي أنجاهم اللّه منها: «وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها» .. وما من شأننا أصلا وما ينبغي لنا قطعا أن نعود فيها .. يقولها وأمامه التهديد الذي يزاوله الطاغوت في كل أرض مع الجماعة المسلمة، التي تعلن خروجها عن سلطانه، ودينونته للّه وحده بلا شريك معه أو من دونه.
إن تكاليف الخروج من العبودية للطاغوت والدينونة للّه وحده - مهما عظمت وشقت - أقل وأهون من تكاليف العبودية للطواغيت! إن تكاليف العبودية للطواغيت فاحشة - مهما لاح فيها من السلامة والأمن والطمأنينة على الحياة والمقام والرزق! - إنها تكاليف بطيئة طويلة مديدة! تكاليف في إنسانية الإنسان ذاته فهذه «الإنسانية» لا توجد، والإنسان عبد للإنسان - وأي عبودية شر من خضوع الإنسان لما يشرعه له إنسان؟! .. وأي عبودية شر من تعلق قلب إنسان بإرادة إنسان آخر به، ورضاه أو غضبه عليه؟! .. وأي عبودية شر من أن تتعلق مصائر إنسان بهوى إنسان مثله ورغباته وشهواته؟! وأي عبودية شر من أن يكون للإنسان خطام أو لجام يقوده منه كيفما شاء إنسان؟! على أن الأمر لا يقف عند حد هذه المعاني الرفيعة .. إنه يهبط ويهبط حتى يكلف الناس - في حكم الطواغيت - أموالهم التي لا يحميها شرع ولا يحوطها سياج. كما يكلفهم أولادهم إذ ينشئهم الطاغوت كما شاء على ما شاء من التصورات
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 312