نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 329
الخروج، وتحقيقا لسنة من سنن اللّه التي لا تتخلف، إذ كان اختلاف الرماة وخروجهم ناشئين من الطمع في الغنيمة. واللّه قد كتب النصر في معارك الجهاد لمن يجاهدون في سبيله، لا ينظرون إلى شيء من عرض هذه الدنيا الزهيد. وتحقيقا كذلك لسنة أخرى من سنن اللّه في الأرض، وهي مداولة الأيام بين الناس - وفقا لما يبدو من عمل الناس ونيتهم - فتكون لهؤلاء يوما ولأولئك يوما. ومن ثم يتبين المؤمنون ويتبين المنافقون. كما تتكشف الأخطاء. وينجلي الغبش.
«إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ. وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ.وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» ..
إن الشدة بعد الرخاء، والرخاء بعد الشدة، هما اللذان يكشفان عن معادن النفوس، وطبائع القلوب، ودرجة الغبش فيها والصفاء، ودرجة الهلع فيها والصبر، ودرجة الثقة فيها باللّه أو القنوط، ودرجة الاستسلام فيها لقدر اللّه أو البرم به والجموح! عندئذ يتميز الصف ويتكشف عن: مؤمنين ومنافقين، ويظهر هؤلاء وهؤلاء على حقيقتهم، وتتكشف في دنيا الناس دخائل نفوسهم. ويزول عن الصف ذلك الدخل وتلك الخلخلة التي تنشأ من قلة التناسق بين أعضائه وأفراده، وهم مختلطون مبهمون! واللّه سبحانه يعلم المؤمنين والمنافقين. واللّه سبحانه يعلم ما تنطوي عليه الصدور. ولكن الأحداث ومداولة الأيام بين الناس تكشف المخبوء، وتجعله واقعا في حياة الناس، وتحول الإيمان إلى عمل ظاهر، وتحول النفاق كذلك إلى تصرف ظاهر، ومن ثم يتعلق به الحساب والجزاء. فاللّه سبحانه لا يحاسب الناس على ما يعلمه من أمرهم ولكن يحاسبهم على وقوعه منهم.
ومداولة الأيام، وتعاقب الشدة والرخاء، محك لا يخطئ، وميزان لا يظلم. والرخاء في هذا كالشدة.
وكم من نفوس تصبر للشدة وتتماسك، ولكنها تتراخى بالرخاء وتنحل. والنفس المؤمنة هي التي تصبر للضراء ولا تستخفها السراء، وتتجه إلى اللّه في الحالين، وتوقن أن ما أصابها من الخير والشر فبإذن اللّه.
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 329