نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 348
لقد انتفض التجمع الجاهلي ليدفع عن نفسه الخطر الذي يتهدد وجوده بكل ما يدفع به الكائن العضوي خطر الموت عن نفسه .. وهذا هو الشأن الطبيعي الذي لا مفر منه كلما قامت دعوة إلى ربوبية اللّه للعالمين في مجتمع جاهلي يقوم على أساس من ربوبية العباد للعباد وكلما تمثلت الدعوة الجديدة في تجمع حركي جديد، يتبع في تحركه قيادة جديدة، ويواجه التجمع الجاهلي القديم مواجهة النقيض للنقيض ([1])!
وعندئذ تعرض كل فرد في التجمع الإسلامي الجديد للأذى والفتنة بكل صنوفها، إلى حد إهدار الدم في كثير من الأحيان .. ويومئذ لم يكن يقدم على شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، والانضمام إلى التجمع الإسلامي الوليد، والدينونة لقيادته الجديدة، إلا كل من نذر نفسه للّه وتهيأ لاحتمال الأذى والفتنة والجوع والغربة والعذاب والموت في أبشع الصور في بعض الأحيان ..
بذلك تكونت للإسلام قاعدة صلبة من أصلب العناصر عودا في المجتمع العربي فأما العناصر التي لم تحتمل هذه الضغوط فقد فتنت عن دينها وارتدت إلى الجاهلية مرة أخرى وكان هذا النوع قليلا، فقد كان الأمر كله معروفا مكشوفا من قبل فلم يكن يقدم ابتداء على الانتقال من الجاهلية إلى الإسلام، وقطع الطريق الشائك الخطر المرهوب إلا العناصر المختارة الممتازة الفريدة التكوين.
وهكذا اختار اللّه السابقين من المهاجرين من تلك العناصر الفريدة النادرة، ليكونوا هم القاعدة الصلبة لهذا الدين في مكة ثم ليكونوا هم القاعدة الصلبة لهذا الدين بعد ذلك في المدينة مع السابقين من الأنصار الذين وإن كانوا لم يصطلوها في أول الأمر كما اصطلاها المهاجرون، إلا أن بيعتهم لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - (بيعة العقبة) قد دلت على أن عنصرهم ذو طبيعة أصيلة مكافئة لطبيعة هذا الدين ..
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا وَعَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْأَنْصَارَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، فَالْتَقَوْا بِالْعَقَبَةِ فَقَالُوا: سَلْ لِرَبِّكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَلِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -:" أَسْأَلُ لِرَبِّي أَنْ [1] - يراجع في هذا الجزء التعليق على الآيات الأخيرة في سورة الأنفال ص 1555 - 1558.دار الشروق
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 348