responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 405
. ويحققها له، بالمنهج الرباني، حين يرفع اهتماماته ويهذب نوازعه، ويجمع طاقته للخير والبناء والارتقاء، والاستعلاء على نوازع الحيوان، ولذائذ البهيمة وانطلاق الأنعام! [1] ولا يدرك حقيقة نعمة اللّه في هذا الدين، ولا يقدرها قدرها، من لم يعرف حقيقة الجاهلية ومن لم يذق ويلاتها - والجاهلية في كل زمان وفي كل مكان هي منهج الحياة الذي لم يشرعه اللّه - فهذا الذي عرف الجاهلية وذاق ويلاتها .. ويلاتها في التصور والاعتقاد، وويلاتها في واقع الحياة .. هو الذي يحس ويشعر، ويرى ويعلم، ويدرك ويتذوق حقيقة نعمة اللّه في هذا الدين الذي يعرف ويعاني ويلات الضلال والعمى، وويلات الحيرة والتمزق، وويلات الضياع والخواء، في معتقدات الجاهلية وتصوراتها في كل زمان وفي كل مكان .. هو الذي يعرف ويتذوق نعمة الإيمان. (2)
والذي يعرف ويعاني ويلات الطغيان والهوى، وويلات التخبط والاضطراب، وويلات التفريط والإفراط في كل أنظمة الحياة الجاهلية، هو الذي يعرف ويتذوق نعمة الحياة في ظل الإيمان بمنهج الإسلام. (3)
ولقد كان العرب المخاطبون بهذا القرآن أول مرة، يعرفون ويدركون ويتذوقون هذه الكلمات. لأن مدلولاتها كانت متمثلة في حياتهم، في ذات الجيل الذي خوطب بهذا القرآن ..
كانوا قد ذاقوا الجاهلية .. ذاقوا تصوراتها الاعتقادية.وذاقوا أوضاعها الاجتماعي ة. وذاقوا أخلاقها الفردية والجماعية. وبلوا من هذا كله ما يدركون معه حقيقة نعمة اللّه عليهم بهذا الدين وحقيقة فضل اللّه عليهم ومنته بالإسلام.
كان الإسلام قد التقطهم من سفح الجاهلية وساربهم في الطريق الصاعد، إلى القمة السامقة - كما فصلنا ذلك في مستهل سورة النساء [4] - فإذا هم على القمة ينظرون من عل إلى سائر أمم الأرض من حولهم نظرتهم إلى ماضيهم في جاهليتهم كذلك.

[1] - راجع تفسير قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً» الجزء الثاني من الظلال: ص 206 - ص 211.
(2) - يراجع فصل: «تيه وركام» في كتاب: «خصائص التصور الإسلامي ومقوماته». «دار الشروق».
(3) - يراجع فصل: «تخبط واضطراب» في كتاب: «الإسلام ومشكلات الحضارة». «دار الشروق».
[4] - يراجع مقدمة الحديث عن سورة النساء في الجزء الرابع من الظلال من هذه الطبعة ص 554 - ص 571
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست