نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 45
الأمر ليس كذلك على الإطلاق .. إن الإسلام يقوم على قاعدة: «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» .. ولكن لماذا ينطلق إذن بالسيف مجاهدا ولما ذا اشترى اللّه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة «يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ»؟ .. إنه لأمر آخر غير الإكراه على العقيدة كان هذا الجهاد .. بل لأمر مناقض تماما للإكراه على العقيدة .. إنه لضمان حرية الاعتقاد كان هذا الجهاد! .. لأن الإسلام كإعلان عام لتحرير «الإنسان» في «الأرض» من العبودية للعباد يواجه دائما طواغيت في الأرض يخضعون العباد للعباد. ويواجه دائما أنظمة تقوم على أساس دينونة العبيد للعبيد تحرس هذه الأنظمة قوة الدولة أو قوة الدولة أو قوة تنظيمية في صورة من الصور وتحول دون الناس في داخلها ودون سماع الدعوة الإسلامية كما تحول دونهم ودون اعتناق العقيدة إذا ارتضتها نفوسهم، أو تفتنهم عنها بشتى الوسائل .. وفي هذا يتمثل انتهاك حرية الاعتقاد بأقبح أشكاله ..
ومن هنا ينطلق الإسلام بالسيف ليحطم هذه الأنظمة، ويدمر هذه القوى التي تحميها .. ثم ماذا؟ .. ثم يترك الناس - بعد ذلك - أحرارا حقا في اختيار العقيدة التي يريدونها. إن شاءوا دخلوا في الإسلام، فكان لهم ما للمسلمين من حقوق، وعليهم ما عليهم من واجبات، وكانوا إخوانا في الدين للسابقين في الإسلام! وإن شاءوا بقوا على عقائدهم وأدوا الجزية، إعلانا عن استسلامهم لانطلاق الدعوة الإسلامية بينهم بلا مقاومة ومشاركة منهم في نفقات الدولة المسلمة التي تحميهم من اعتداء الذين لم يستسلموا بعد، وتكفل العاجز منهم والضعيف والمريض كالمسلمين سواء بسواء.
إن الإسلام لم يكره فردا على تغيير عقيدته كما انطلقت الصليبية على مدار التاريخ تذبح وتقتل وتبيد شعوبا بأسرها - كشعب الأندلس قديما وشعب زنجبار حديثا - لتكرههم على التنصر. وأحيانا لا تقبل منهم حتى التنصر، فتبيدهم لمجرد أنهم مسلمون .. وأحيانا لمجرد أنهم يدينون بمذهب نصراني مخالف لمذهب الكنيسة الرسمية .. وقد ذهب مثلا اثنا عشر ألفا من نصارى مصر ضحايا بصور بشعة إذ أحرقوا أحياء على نار المشاعل لمجرد مخالفتهم لجزئية اعتقادية عن كنيسة روما تتعلق بانبثاق الروح القدس
نام کتاب : مفرق الطريق في القرآن الكريم نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 45